والتحقيق أن الجملة الاسمية دلت على ثبوت الوصف المتضمنة، مع عدم تقييد بزمان ولا إفادة تجدد، بخلاف الفعلية، وهو صريح كلام الشيخ في "دلائل الاعجاز"، والسكاكي في "المفتاح"، لكن كلام الزمخشري في هذه الآية ينادي على أن جملة :﴿ أم أنتم صامتون ﴾ دالة على استمرار صمتهم، وكذلك كلام السكاكي في إبداء الفرق بين الجملتين في قوله تعالى :﴿ ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين ﴾ [ البقرة : ٨ ] وفي قوله تعالى :﴿ قالوا آمنا ﴾ [ البقرة : ١٤ ] مع قوله عقبه :﴿ قالوا إنا معكم ﴾ [ البقرة : ١٤ ]، وظاهر كلام الشيرازي في "شرح المفتاح" أن الثبوت يستلزم الاستمرار، وقال الشارح التفتازاني، في "شرح المفتاح" : الحق أن الجملة الاسمية التي تكون عُدولاً عن الفعلية تفيد الدوام الذي هو كالثبوت، وفسر في "شرح تلخيص المفتاح" الثبوتَ بمقارنة الدوام، وأما السيد في "شرح المفتاح"، و"حاشيته على المطول"، فقد جعل الجملة الاسمية قد يقصد بها الدوام إثباتاً ونفيا بحسب المقامات.
وعندي أن الجملة الاسمية لا تفيد أكثر من الثبوت المقابل للتجدد، وأما الاستمرار والدوام فهو معنى كنائي لها يُحتاج في استفادته إلى القرينة المعيّنة وهي منفية هنا، فالمعنى : سواء عليكم أدعوتموهم دعوة متجددة أم لازمتم الصمت، وليس المعنى على الدوام، وقد احتاج صاحب "الكشاف" إلى بيانه بطريقة الدقة بإيراد السؤال والجواب على عادته، وأيَّاً ما كان فالعدول عن الجملة الفعلية في معادل التسوية اقتضاه الحال البلاغي خلافاً لثعلب. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٨ صـ ﴾