المعنى الجملي
بعد أن افتتح عزت قدرته السورة بالدعوة إلى التوحيد واتباع ما أنزل على لسان رسوله وتلاه بالتذكير بنشأة الإنسان الأولى فى الخلق والتكوين والعداوة بينه وبين الشيطان.
اختتم السورة بهذه المعاني، فذكر بالنشأة الأولى، ونهى عن الشرك واتباع وسوسة الشيطان، وأمر بالتوحيد واتباع ما جاء به القرآن.
الإيضاح
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها) أي هو الذي خلقكم من جنس واحد وجعل زوجه من جنسه فكانا زوجين ذكرا وأنثى كما قال فى آية أخرى « يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى ».
وهكذا خلق من كل الأنواع ومن كل أجناس الأحياء زوجين اثنين كما قال عز من قائل « وَ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ».
والمشاهد أن كل خلية من الخلايا التي ينمو بها الجسم الحي تنطوى على نواتين ذكر وأنثى إذا اقترنتا ولدتا خلية أخرى وهلم جرا.
وفى التوراة إن حواء خلقت من ضلع من أضلاع آدم، وعليه حمل بعض العلماء
الحديث « استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شىء فى الضلع
أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، قاستوصوا بالنساء خيرا »
رواه الشيخان عن أبي هريرة مرفوعا.
ولكن المحققين ذهبوا فى تفسيره إلى أن المراد أنها ذات اعوجاج وشذوذ تخالف به الرجل، ويؤيده مارواه ابن حبّان عن أبي هريرة « إن المرأة خلقت من ضلع أعوج » فهو على حد قوله تعالى :« خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ ».
وفى التعبير عن ميل الزوج الجنسي إلى زوجه هنا وفى الروم بالسكون، إشارة إلى أن المرء متى بلغ سن الحياة الزوجية يجد فى نفسه اضطرابا لا يسكن إلا إذا اقترن بزوج من جنسه واتحد ذلك الاتحاد الذي لا تكمل حياتهما الجنسية المنتجة إلا به.


الصفحة التالية
Icon