وقال أبو حيان :
﴿ إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين ﴾
هذه الجملة على سبيل التوكيد لما قبلها في انتفاء كون هذه الأصنام قادرة على شيء من نفع أو ضرّ أي الذين تدعونهم وتسمونهم آلهة من دون الله الذي أوجدها وأوجدكم هم عباد وسمّى الأصنام عباداً وإن كانت جمادات لأنهم كانوا يعتقدون فيها أنها تضرّ وتنفع فاقتضى ذلك أن تكون عاقلة و﴿ أمثالكم ﴾.
قال الحسن في كونها مملوكة لله، وقال التبريزي في كونها مخلوقة، وقال مقاتل : المراد طائفة من العرب من خزاعة كانت تعبد الملائكة فأعلمهم تعالى أنهم عباد أمثالهم لا آلهة انتهى، فعلى هذا جاء الإخبار إخباراً عن العقلاء.
وقال الزمخشري :﴿ عباد أمثالكم ﴾ استهزاء بهم أي قصارى أمرهم أن يكونوا أحياء عقلاء، فإن ثبت ذلك فمنهم عباد أمثالكم لا تفاضل بينكم ثم أبطل أن يكونوا عباداً أمثالكم فقال : ألهم ﴿ أرجل يمشون بها ﴾ انتهى؟ وليس كما زعم لأنه تعالى حكم على هؤلاء المدعوّين من دون الله أنهم عباد أمثال الداعين فلا يقال في الخبر من الله فإن ثبت ذلك لأنه ثابت ولا يصحّ أن يقال ثم أبطل أن يكونوا عباداً أمثالكم فقال ﴿ ألهم أرجل ﴾ لأن قوله ﴿ ألهم أرجل ﴾ ليس إبطالاً لقوله ﴿ عباد أمثالكم ﴾ لأن المثلية ثابتة أما في أنهم مخلوقون أو في أنهم مملوكون مقهورون وإنما ذلك تحقير لشأن الأصنام وأنهم دونكم في انتفاء الآلات التي أعدت للانتفاع بها مع ثبوت كونهم أمثالكم فيما ذكر ولا يدلّ إنكار هذه الآلات على انتفاء المثلية فيما ذكر وأيضاً فالأبطال لا يتصور بالنسبة إليه تعالى لأنه يدلّ على كذب أحد الخبرين وذلك مستحيل بالنسبة إلى الله تعالى، وقد بيّنا ذلك في قوله