قالوا : كان هذا قبل فريضة الصدقة فلما نزلت آية وجوب الزكاة صارت هذه الآية منسوخة إلا قوله :﴿وَأْمُرْ بالعرف﴾ أي بإظهار الدين الحق، وتقرير دلائله ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الجاهلين﴾ أي المشركين قالوا : وهذا منسوخ بآية السيف فعلى هذه الطريقة جميع الآية منسوخة إلا قوله :﴿وَأْمُرْ بالعرف ﴾.
واعلم أن تخصيص قوله :﴿خُذِ العفو﴾ بما ذكره تقييد للمطلق من غير دليل، وأيضاً فهذا الكلام إذا حملناه على أداء الزكاة لم يكن إيجاب الزكاة بالمقادير المخصوصة منافياً لذلك، لأن آخذ الزكاة مأمور بأن لا يأخذ كرائم أموال الناس ولا يشدد الأمر على المزكى فلم يكن إيجاب الزكاة سبباً لصيرورة هذه الآية منسوخة.
وأما قوله :﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الجاهلين﴾ فالمقصود منه أمر الرسول ﷺ بأن يصبر على سوء أخلاقهم، وأن لا يقابل أقوالهم الركيكة ولا أفعالهم الخسيسة بأمثالها، وليس فيه دلالة على امتناعه من القتال، لأنه لا يمتنع أن يؤمر عليه السلام بالإعراض عن الجاهلين مع الأمر بقتال المشركين فإنه ليس من المتناقض أن يقال الشارع لا يقابل سفاهتهم بمثلها ؟ ولكن قاتلهم وإذا كان الجمع بين الأمرين ممكناً فحينئذ لا حاجة إلى التزام النسخ، إلا أن الظاهرية من المفسرين مشغوفون بتكثير الناسخ والمنسوخ من غير ضرورة ولا حاجة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ٧٨ ـ ٧٩﴾


الصفحة التالية
Icon