وقال ابن العربى :
قَوْله تَعَالَى ﴿ خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ ﴾.
فِيهَا عَشْرُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي الْعَفْوِ : قَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ فِي الْإِطْلَاقِ وَالِاشْتِقَاقِ، وَاخْتَلَفَ إيرَادُ الْمُفَسِّرِينَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : أَنَّهُ الْفَضْلُ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ، نَسَخَتْهُ الزَّكَاةُ ؛ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ.
الثَّانِي : أَنَّهُ الزَّكَاةُ ؛ قَالَ مُجَاهِدٌ.
وَسَمَّاهَا عَفْوًا ؛ لِأَنَّهُ فَضْلُ الْمَالِ وَجُزْءٌ يَسِيرٌ مِنْهُ.
الثَّالِثُ : أَنَّهُ أَمْرٌ بِالِاحْتِمَالِ وَتَرْكِ الْغِلْظَةِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِآيَةِ الْقِتَالِ.
الرَّابِعُ : خُذْ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ ؛ قَالَهُ ابْنَا الزُّبَيْرِ مَعًا، وَرُوِيَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُمَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ :﴿ إنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ جِبْرِيلُ : لَا أَدْرِي حَتَّى أَسْأَلَ الْعَالِمَ، فَذَهَبَ فَمَكَثَ سَاعَةً ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ : إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُك أَنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَك، وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَك، وَتَصِلَ مَنْ قَطَعَك ﴾.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ :﴿ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ﴾ : فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : الْعُرْفُ : الْمَعْرُوفُ ؛ قَالَهُ عُرْوَةُ.
الثَّانِي : قَوْلُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ.
الثَّالِثُ : مَا يُعْرَفُ أَنَّهُ مِنْ الدِّينِ.


الصفحة التالية
Icon