وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ خذ العفو ﴾ الآية،
وصية من الله عز وجل لنبيه ﷺ تعم جميع أمته وأخذ بجميع مكارم الأخلاق، وقال الجمهور في قوله ﴿ خذ العفو ﴾ إن معناه اقبل نم الناس في أخلاقهم وأقوالهم ومعاشرتهم ما أتى عفواً دون تكلف، فالعفو هنا الفضل والصفو الذي تهيأ دون تحرج، قاله عبد الله بن الزبير في مصنف البخاري، وقاله مجاهد وعروة، ومنه قول حاتم الطائي :[ الطويل ]
خذي العفو مني تستديمي مودتي... ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
وقال ابن عباس والضحاك والسدي : هذه الآية، في الأموال، وقيل هي فرض الزكاة أمر بها ﷺ أن يأخذ ما سهل من أموال الناس، وعفا أي فضل وزاد من قولهم عفا النبات والشعر أي كثر، ثم نزلت الزكاة وحدودها فنسخت هذه الآية، وذكر مكي عن مجاهد أن ﴿ خذ العفو ﴾ معناه خذ الزكاة المفروضة.
قال القاضي أبو محمد : وهذا شاذ، وقوله ﴿ وأمر بالعرف ﴾ معناه بكل ما عرفته النفوس مما لا ترده الشريعة، ويروى أن النبي ﷺ قال لجبريل :" ما هذا العرف الذي أمر به، قال : لا أدري حتى أسأل العالم، فرجع إلى ربه فسأله ثم جاءه فقال له : يا محمد هو أن تعطي من حرمك وتصل من قطعك وتعفو عمن ظلمك ".
قال القاضي أبو محمد : فهذا نصب غايات والمراد فما دون هذا من فعل الخير، وقرأ عيسى الثقفي فيما ذكر أبو حاتم " بالعُرف " بضم الراء والعرْف والعرُف بمعنى المعروف، وقوله ﴿ وأعرض عن الجاهلين ﴾ حكم مترتب محكم مستمر في الناس ما بقوا، هذا قول الجمهور من العلماء، وقال ابن زيد في قوله ﴿ خذ العفو - إلى - الجاهلين ﴾ إنما أمر النبي ﷺ بذلك مداراة لكفار قريش ثم نسخ ذلك بآية السيف.


الصفحة التالية
Icon