والأحسن عندي أن يكون إطلاق العباد عليهم مجازاً بعلاقة الإطلاق عن التقييد روعي في حسنة المشاكلة التقديرية لأنه لما ماثلهم بالمخاطبين في المخلوقية وكان المخاطبون عباد الله أطلق العباد على مماثليهم مشاكلة.
وفرع على المماثلة أمر التعجيز بقوله ﴿ فادعوهم ﴾ فإنه مستعمل في التعجيز باعتبار ما تفرع عليه من قوله ﴿ فليستجيبوا لكم ﴾ المضمن إجابة الأصنام إياهم، لأن نفس الدعاء ممكن ولكن استجابته لهم ليست ممكنة، فإذا دعوهم فلم يستجيبوا لهم تبين عجز الآلهة عن الاستجابة لهم، وعجز المشركين عن تحصيلها مع حرصهم على تحصيلها لانهاض حجتهم، فئال ظهور عجز الأصنام عن الاستجابة لعبادها إلى إثبات عجز المشركين عن نهوض حجتهم لتلازم العجزين، قال تعالى :﴿ أن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ﴾ [ فاطر : ١٤ ].
والأظهر أن المراد بالدعوة المأمور بها الدعوة للنصر والنجدة كما قال وذاك المازني إذا استنجدوا لم يسألوا من دعاهم لأيّة حرب أم بأي مكان.
وبهذا يظهر أن أمر التعجيز كناية عن ثبوت عجز الأصنام عن إجابتهم، وعجز المشركين عن إظهار دعاء للأصنام تعقبة الاستجابة.
والأمر باللام في قوله :﴿ فليستجيبوا ﴾ أمرُ تعجيز للأصنام، وهو أمر الغائب فإن طريق أمر الغائب هو الأمر.
ومعنى توجيه أمر الغائب السامع أنه مأمور بأن يبلِّغ الأمر للغائب.
وهذا أيضاً كناية عن عجز الأصنام عن الاستجابه لعجزها عن تلقي التبليغ من عبدتها. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٨ صـ ﴾