وقال أبو حيان :
﴿ خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ﴾.
هذا خطاب لرسول الله ( ﷺ ) ويعمّ جميع أمته وهي أمر بجميع مكارم الأخلاق، وقال عبد الله بن الزبير ومجاهد وعروة والجمهور : أي اقبل من الناس في أخلاقهم وأموالهم ومعاشرتهم بما أتى عفواً دون تكلّف ولا تخرّج والعفو ضد الجهد أي لا تطلب منهم ما يشق عليهم حتى لا ينفروا وقد أمر بذلك رسول الله ( ﷺ ) بقوله :" يسروا ولا تعسروا " وقال حاتم :
خذي العفو مني تستديمي مودّتي...
ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
وقال الآخر :
إذا ما بلغة جاءتك عفوا...
فخذها فالغنى مرعى وشرب
إذا اتفق القليل وفيه سلم...
فلا ترد الكثير وفيه حرب
وقال الشعبي : سأل الرسول ( ﷺ ) جبريل عليه السلام عن قوله تعالى :﴿ خذ العفو ﴾، فأخبره عن الله تعالى أنه يأمرك أن تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك، وقال ابن عباس والضحاك والسدّي : هي في الأموال قبل فرض الزكاة أمر أن يأخذ ما سهل من أموال الناس أي ما فضل وزاد ثم فرضت الزكاة فنسخت هذه، وتؤخذ طوعاً وكرهاً، وقال مكي عن مجاهد إن العفو هو الزكاة المفروضة، وقال ابن زيد : الآية جميعها في مداراة الكفار وعدم مؤاخذتهم ثم نسخ ذلك بالقتال انتهى، والذي يظهر القول الأوّل من أنه أمر بمكارم الأخلاق وأن ذلك حكم مستمر في الناس ليس بمنسوخ ويدلّ عليه حديث الحر بن قيس حين أدخل عيينة بن حصن على عمر فكلم عمر كلاماً فيه غلظة فأراد عمر أن يهمّ به فتلا الحر هذه الآية على عمر فقرّرها ووقف عندها.