وقال صاحب المنار فى الآيات السابقة :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ﴾
هَذِهِ الْآيَاتُ تَتِمَّةٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ آيَاتِ التَّوْحِيدِ مُقَرِّرَةٌ وَمُؤَكِّدَةٌ لِمَضْمُونِهَا ; لِأَنَّ تَوْحِيدَ الْعِبَادَةِ وَنَفْيَ الشِّرْكِ فِيهَا هُوَ أُسُّ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَتَقَرَّرُ فِي الْأَذْهَانِ، وَيَثْبُتُ فِي الْجِنَانِ، وَيَكْمُلُ بِالْوِجْدَانِ، إِلَّا بِتَكْرَارِ الْآيَاتِ فِيهِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا لِمَضْمُونِ كَلِمَةِ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ، وَرُكْنُهَا الْأَعْظَمُ، فَلَا يَصِحُّ تَوْحِيدُ أَحَدٍ لِلَّهِ إِلَّا بِدُعَائِهِ وَحْدَهُ، وَعَدَمِ دُعَاءِ أَحَدٍ مَعَهُ. كَمَا قَالَ : فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا (٧٢ : ١٨) وَالْمُفَسِّرُونَ يَقُولُونَ : إِنَّ الدُّعَاءَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْآيَاتِ مَعْنَاهُ الْعِبَادَةُ، مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ الْجُزْءِ، فَصَارُوا يُفَسِّرُونَ " تَدْعُونَ " يَتَعَبَّدُونَ، فَضَلَّ بَعْضُ الْعَوَامِّ مِنَ الْقَارِئِينَ وَغَيْرِهِمْ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ، وَظَنُّوا أَنَّ الْمَرْءَ لَا يَكُونُ عَابِدًا لِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى إِلَّا إِذَا كَانَ يُصَلِّي لَهُ الصَّلَاةَ الْمَعْرُوفَةَ وَيَصُومُ لِأَجْلِهِ، وَأَنَّهُ


الصفحة التالية
Icon