إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ هَذَا تَعْلِيلٌ لِجَزْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا ذُكِرَ مِنْ عَجْزِ هَذِهِ الْمَعْبُودَاتِ، وَتَحْقِيرِ أَمْرِهَا وَأَمْرِ عَابِدِيهَا، عَلَى مَا كَانَ مِنْ ضَعْفِهِ بِمَكَّةَ عِنْدَ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ. يَقُولُ : إِنَّ نَاصِرِيِّ وَمُتَوَلِّي أَمْرِي هُوَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ عَلَيَّ هَذَا الْكِتَابَ النَّاطِقَ بِوَحْدَانِيَّتِهِ فِي رُبُوبِيَّتِهِ، وَبِمَا يَجِبُ مِنْ عِبَادَتِهِ وَدُعَائِهِ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمُلِمَّاتِ وَحْدَهُ، وَبِأَنَّ عِبَادَةَ غَيْرِهِ بَاطِلَةٌ، وَأَنَّ دُعَاءَ هَذِهِ الْأَوْثَانِ هُزُؤٌ بَاطِلٌ، وَسُخْفٌ لَا يَرْضَاهُ لِنَفْسِهِ إِلَّا جَاهِلٌ سَافِلٌ، وَهُوَ يَتَوَلَّى نَصْرَ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ صَلُحَتْ أَنْفُسُهُمْ بِالْعَقَائِدِ الصَّحِيحَةِ السَّالِمَةِ مِنَ الْخُرَافَاتِ وَالْأَوْهَامِ، وَالْأَعْمَالِ الَّتِي تَصْلُحُ بِهَا الْأَفْرَادُ وَشُئُونُ الْجَمَاعَاتِ، فَيَنْصُرُهُمْ عَلَى الْخُرَافِيِّينَ الْفَاسِدِي الْعَقَائِدِ، وَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَعْمَالِ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ (١٣ : ١٧).
وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ أَيْ: وَأَمَّا الَّذِينَ تَدْعُونَهُمْ لِنَصْرِكُمْ وَلِغَيْرِ النَّصْرِ مِنْ مَنَافِعِكُمْ وَدَفْعِ الضُّرِّ عَنْكُمْ، فَهُمْ عَاجِزُونَ لَا يَسْتَطِيعُونَ


الصفحة التالية
Icon