الثاني : هب أنا سلمنا أن الشيطان يوسوس للرسول عليه السلام، إلا أن هذا لا يقدح في عصمته، إنما القادح في عصمته لو قبل الرسول وسوسته، والآية لا تدل على ذلك.
عن الشعبي قال : قال رسول الله ﷺ :" ما من إنسان إلا ومعه شيطان " قالوا : وأنت يا رسول الله قال :" وأنا ولكنه أسلم بعون الله، فلقد أتاني فأخذت بحلقه، ولولا دعوة سليمان لأصبح في المسجد طريحاً، " وهذا كالدلالة على أن الشيطان يوسوس إلى الرسول ﷺ، وقال تعالى :﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِىّ إِلاَّ إِذَا تمنى أَلْقَى الشيطان فِى أُمْنِيَّتِهِ﴾ [ الحج : ٥٢ ] الثالث : هب أنا سلمنا أن الشيطان يوسوس.
وأنه عليه الصلاة والسلام يقبل أثر وسوسته، إلا أنا نخص هذه الحالة بترك الأفضل والأولى.
قال عليه الصلاة والسلام :" وإنه ليغان على قلبي وإني لا أستغفر الله في اليوم والليلة سبعين مرة "
المسألة الرابعة :
الاستعاذة بالله عند هذه الحالة أن يتذكر المرء عظيم نعم الله عليه وشديد عقابه فيدعوه كل واحد من هذين الأمرين إلى الإعراض عن مقتضى الطبع والإقبال على أمر الشرع.
المسألة الخامسة :
هذا الخطاب وإن خص الله به الرسول إلا أنه تأديب عام لجميع المكلفين لأن الاستعاذة بالله على السبيل الذي ذكرناه لطف مانع من تأثير وساوس الشيطان، ولذلك قال تعالى :﴿فَإِذَا قَرَأْتَ القرءان فاستعذ بالله مِنَ الشيطان الرجيم * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ على الذين ءامَنُواْ وعلى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [ النحل : ٩٧، ٩٨ ] إذا ثبت بالنص أن لهذه الاستعاذة أثراً في دفع نزع الشيطان، وجبت المواظبة عليه في أكثر الأحوال.
المسألة السادسة :