الثانية قال عصام بن المُصْطَلِق : دخلت المدينة فرأيت الحسن بن عليّ عليهما السلام، فأعجبني سَمْتُه وحُسن رُوائه ؛ فأثار منِّي الحسد ما كان يُجِنّه صدري لأبيه من البُغْض ؛ فقلت : أنت ابن أبي طالب! قال نعم.
فبالغت في شتمه وشتم أبيه ؛ فنظر إليّ نظرة عاطفٍ رَؤوف، ثم قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿ خُذِ العفو وَأْمُرْ بالعرف وَأَعْرِضْ عَنِ الجاهلين ﴾ فقرأ إلى قوله :﴿ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ﴾ ثم قال لي : خفِّض عليك، أستغفر الله لي ولك، إنك لو استعنتنا أعنّاك، ولو استَرْفَدْتَنَا أرفدناك، ولو استرشدتنا أرشدناك.فتوسم فيَّ الندم على ما فرط منِّي فقال :﴿ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ اليوم يَغْفِرُ الله لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الراحمين ﴾ أمن أهل الشأم أنت؟ قلت نعم.
فقال :
شِنْشِنَةٌ أعْرِفُها من أَخْزَمِ...
حَيَّاك الله وبيَّاك، وعافاك، وآداك ؛ انبسط إلينا في حوائجك وما يعرض لك، تجدنا عند أفضل ظنك، إن شاء الله.
قال عصام : فضاقت عليّ الأرض بما رَحُبَت، وودِدت أنها ساخت بي، ثم تسلّلْتُ منه لِوَاذاً، وما على وجه الأرض أحبُّ إليّ منه ومن أبيه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾