وقال الجصاص :
قَوْله تَعَالَى :﴿ وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ ﴾ قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ : إخْوَانُ الشَّيَاطِينِ فِي الضَّلَالِ يَمُدُّهُمْ الشَّيْطَانُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ : إخْوَانُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ الشَّيْطَانِ.
وَسَمَّاهُمْ إخْوَانًا لِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الضَّلَالَةِ، كَالْإِخْوَةِ مِنْ النَّسَبِ فِي التَّعَاطُفِ بِهِ وَحُنَيْنِ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ لِأَجْلِهِ، كَمَا سَمَّى الْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ ﴾ لِتَعَاطُفِهِمْ وَتَوَاصُلِهِمْ بِالدِّينِ ؛ فَأَخْبَرَ عَنْ حَالِ مَنْ اسْتَعَاذَ بِاَللَّهِ مِنْ نَزْغِ الشَّيْطَانِ وَوَسَاوِسِهِ فِي بَصِيرَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِقُبْحِ مَا يَدْعُوهُ
إلَيْهِ وَتَبَاعُدِهِ مِنْهُ وَمِنْ دَوَاعِي شَهَوَاتِهِ بِرُجُوعِهِ إلَى اللَّهِ وَإِلَى ذِكْرِهِ.
وَهَذِهِ الِاسْتِعَاذَةُ تَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بِقَوْلِهِ : أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ بِالْفِكْرِ فِي نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ وَفِي أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ وَمَا يَئُولُ بِهِ إلَيْهِ الْحَالُ مِنْ دَوَامِ النَّعِيمِ فَيَهُونُ عِنْدَهُ دَوَاعِي هَوَاهُ وَحَوَادِثُ شَهَوَاتِهِ وَنَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ بِهَا.