وقال أبو السعود :
﴿ وإخوانهم ﴾ أي إخوانُ الشياطين وهم المنهمِكون في الغي المعرضون عن وقاية أنفسِهم عن المضار ﴿ يَمُدُّونَهُمْ فِى الغى ﴾ أي يكون الشياطين مدداً لهم فيه ويعضدونهم بالتزيين والحملِ عليه، وقرىء يُمِدّونهم من الإمداد ويُمادّونهم كأنهم يُعينونهم بالتسهيل والإغراء، وهؤلاء بالاتباع والامتثال ﴿ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ ﴾ أي لا يمسكون عن الإغواء حتى يردوهم بالكلية ويجوز أن يكون الضمير للإخوان أي لا يرعون عن الغي ولا يقصرون كالمتقين، ويجوز أن يراد بالإخوان الشياطين ويرجعُ الضميرُ إلى الجاهلين فيكون الخبرُ جارياً على من هو له. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (٢٠٢) ﴾
﴿ وإخوانهم ﴾ أي إخوان الشياطن الذين لم يتقوا وذلك معنى الإخوة بينهم، وهو مبتدأ وقوله سبحانه وتعالى :﴿ يَمُدُّونَهُمْ فِى الغى ﴾ خبره، والضمير المرفوع للشياطين والمنصوب للمبتدأ، أي تعاونهم الشياطين في الضلال وذلك بأن يزينوه لهم ويحملوهم عليه، والخبر على هذا جار على غير من هو له وفي أنه هل يجب إبراز الضمير أولا يجب في مثل ذلك خلاف بين أهل القريتين كالصفة المختلف فيها بينهم، وقيل : إن الضمير الأول للإخوان والثاني للشياطين، والمعنى وإخوان الشياطين يمدون الشياطين بالاتباع والامتثال، وعلى هذا يكون الخبر جارياً على من هو له، والجار والمجرور متعلق بما عنده، وجوز أن يكون في موضع الحال من الفاعل أو من المفعول.
وقرأ نافع ﴿ يَمُدُّونَهُمْ ﴾ بضم الياء وكسر الميم من الإمداد والجمهور على فتح الياء وضم الميم.
قال أبو علي في الحجة بعد نقل ذكر ذلك : وعامة ما جاء في التنزيل مما يحمد ويستحب أمددت على أفعلت كقوله تعالى :﴿ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ ﴾ [ المؤمنون : ٥٥ ] ﴿ وأمددناهم بفاكهة ﴾ [ الطور : ٢٢ ] و﴿ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ ﴾ [ النمل : ٣٦ ] وما كان بخلافه على مددت قال تعالى :﴿ وَيَمُدُّهُمْ فِي طغيانهم يَعْمَهُونَ ﴾ [ البقرة : ١٥ ] وهكذا يتكلمون بما يدل على أن الوجه فتح الياء كما ذهب إليه الأكثر، ووجه قراءة نافع أنه مثل ﴿ فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [ آل عمران : ٢١ ] ﴿ فَسَنُيَسّرُهُ للعسرى ﴾ [ الليل : ١٠ ] وقرأ الجحدري ( يمادونهم } من باب المفاعلة وهي هنا مجازية كأنهم كان الشاطين يعينونهم بالإغراء وتهوين المعاصي عليهم وهؤلاء يعينون الشياطين بالاتباع والامتثال


الصفحة التالية
Icon