وقال السمرقندى :
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِئَايَةٍ ﴾
وذلك حين أبطأ عليه جبريل حين سألوه شيئاً ﴿ قَالُواْ لَوْلاَ اجتبيتها ﴾ أي : هلاّ أتاهم من تلقاء نفسه؟ وهذا كقوله :﴿ وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ ءاياتنا بَيِّنَاتٍ قَالَ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ائت بِقُرْءَانٍ غَيْرِ هاذآ أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لى أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نفسى إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَىَّ إنى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّى عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [ يونس : ١٥ ] ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَىَّ مِن رَّبّى ﴾ أي : قل إذا أمرت بأمر فعلت ولا أبتدع ما لم أومر ﴿ هذا بَصَائِرُ مِن رَّبّكُمْ ﴾ يعني : القرآن بيان من ربكم.
وقال بعض أهل اللغة : البصائر في اللغة : طرائق الأمر واحدتها بصيرة : ويقال : طريقة الدين معناه : ظهور الشيء وبيانه ﴿ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ ﴾ أي : القرآن هدى من الضلالة ويقال : كرامة ورحمة من العذاب ونعمة لمن آمن به ﴿ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ يعني : يصدقون. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال الثعلبى :
﴿ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ ﴾ يا محمد يعني المشركين ﴿ بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجتبيتها ﴾ أي هلاّ أقلعتها وأنشأتها من قبل نفسك واختيارك، قاله قتادة، وقال مجاهد : لولا اقتضيتها وأخرجتها من نفسك.
وقال ابن زيد : لولا يقبلها [ لجئت ] بها من عندك.
وقال ابن عباس : لولا تلقيتها من عندك، أيضاً لولا حدثتها فأنشأتها. قال العوفي عن ابن عباس :[ فنسيتها وقلتها ] من ربّك.
وقال الضحاك : لولا أخذتها أنت فجئت بها من السماء، قال الفراء : تقول العرب :[ جئت ] الكلام وأخلقته وارتجلته وانتحلته إذا افتعلته من قبل نفسك.
قال ابن زيد : إنّما يقول العرب ذلك الكلام بتهدئة الرجل ولم يكن قبل ذلك أعده لنفسه ﴿ قُلْ ﴾ يا محمد ﴿ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يوحى إِلَيَّ مِن رَّبِّي ﴾ ثمّ قال ﴿ هذا ﴾ يعني القرآن ﴿ بَصَآئِرُ ﴾ حجج وبيان وبرهان ﴿ مِن رَّبِّكُمْ ﴾ واحدتها بصيرة. وقال الزجاج : طرق من ربكم، والبصائر طرق الدم.
قال الجعفي :

راحوا بصائرهم على أكتافهم وبصيرتي يعدو بها عتد وآي
تعدّوا عداوي وأصلها ظهور الشيء وقيامه واستحكامه حتّى يبصر الانسان فيهتدي إليها وينتفع بها، ومنه قيل :[ ما لي في الأمر ] من بصيرة و ﴿ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية