وقال أبو السعود :
﴿ وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الهدى ﴾
إلى أن يهدوكم إلى ما تحصّلون به مقاصدَكم على الإطلاق أو في خصوص الكيدِ المعهود ﴿ لاَ يَسْمَعُواْ ﴾ أي دعاءَكم فضلاً عن المساعدة والإمدادِ، وهذا أبلغُ من نفي الاتباعِ، وقوله تعالى :﴿ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ﴾ بيانٌ لعجزهم عن الإبصار بعد بيانِ عجزِهم عن السمع وبه يتم التعليلُ فلا تكرارَ أصلاً، والرؤيةُ بصريةٌ، وقوله تعالى :﴿ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ ﴾ حالٌ من المفعول، والجملةُ الاسميةُ حالٌ من فاعل ينظرون، أي وترى الأصنامَ رأيَ العين يُشبهون الناظرين إليك ويخيّل إليك بأنهم يُبْصِرونك لما أنهم صنعوا لها أعيناً مركبةً بالجواهر المضيئة المتلألئة وصوّروها بصورة مَنْ قلبَ حدَقتَه إلى الشيء ينظُر إليه، والحالُ أنهم غيرُ قادرين على الإبصار، وتوحيدُ الضمير في تراهم مع رجوعه إلى المشركين لتوجيه الخِطابِ إلى كل واحد منهم لا إلى الكل من حيث هو كلٌّ كالخطابات السابقةِ تنبيها على أن رؤية الأصنامِ على الهيئة المذكورةِ لا تتسنّى للكل معاً بل لكل من يواجهها، وقيل : ضميرُ الفاعل في تراهم لرسول الله ﷺ وضميرُ المفعولِ على حاله، وقيل : للمشركين على أن التعليلَ قد تم عند قوله تعالى :﴿ لاَ يَسْمَعُواْ ﴾ أي وترى المشركين ينظُرون إليك والحال أنهم لا يبصِرونك كما أنت عليه. وعن الحسن أن الخِطابَ في قوله تعالى :﴿ وَأَنْ تَدْعُواْ ﴾ للمؤمنين على أن التعليلَ قد تم عند قوله تعالى :﴿ يُنصَرُونَ ﴾ أي وإن تدعوا أيها المؤمنون المشركين إلى الإسلام لا يلتفتوا إليكم، ثم خوطب عليه السلام بطريق التجريدِ بأنك تراهم ينظُرون إليك والحالُ أنهم لا يُبصرونك حقَّ الإبصار تنبيهاً على أن ما فيه عليه السلام من شواهد النبوةِ ودلائلِ الرسالةِ من الجلاء بحيث لا يكاد يخفى على الناظرين. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾