وهذه الجمل مؤكدات ومبينات لما تقدمها ولهذا فقد العاطف. عن النبي ﷺ " إن الساعة تهيج بالناس والرجل يصلح حوضه والرجل يسقي ماشيته والرجل يقوم سلعته في سوقه والرجل يخفض ميزانه ويرفعه " وروى الحسن عن النبي ﷺ أنه قال :" والذي نفس محمد بيده لتقومن الساعة وإن الرجل ليرفع اللقمة إلى فيه حتى تحول الساعة بينه وبين ذلك " ثم كرر ﴿ يسألونك ﴾ للتأكيد ولما نيط به من زيادة قوله ﴿ كأنك حفي عنها ﴾ فكان السؤال الأول عن وقت قيام الساعة، والسؤال الثاني عن كنه ثقل الساعة شدتها ومهابتها ولهذا خص باسم الله في قوله ﴿ قل إنما علمها عند الله ﴾ لأن أعظم أسماء الله مهابة هو الله، وأما الرب فيدل على التربية والرحمة دون الهيبة والعزة، وفي الحفي وجوه : فقيل إنه البار اللطيف و " عن " بمعنى " الباء " أي كأنك بارّ بهم لطيف العشرة معهم وهذا قول الحسن وقتادة والسدي، والضمير عائد إلى قريش التي ادعت القرابة وجعلوها وسيلة إلى أن يخبرهم بالساعة. والمعنى أنك لا تكون حفياً بهم ما داموا على كفرهم ولو أخبرت بوقتها وأمرت بالإخبار عنها لكنت مبلغه القريب والبعيد من غير تخصيص كسائر ما أوحي إليك. وعلى هذا القول جاز أن يكون ﴿ عنها ﴾ متعلقاً ب ﴿ يسألونك ﴾ أي يسألونك عنها كأنك حفي أي عالم بها فحذف قوله " بها " لطول الكلام أو لأنه معلوم. وقيل :﴿ عنها ﴾ يتعلق بمحذوف. وحفي " فعيل " من حفي فلان بالمسألة أي استقصى، والمعنى كأنك بليغ في السؤال عنها لأن من أكثر السؤال علم. وهذا التركيب يفيد المبالغة ومنه إحفاء الشارب، وأحفى في المسألة إذا ألحف. وقيل : المراد كأنك حفي بالسؤال عنها تحبه وتؤثره يعني أنك تكره السؤال عنها لأنه من علم الغيب الذي استأثر الله به ﴿ ولكن أكثر الناس لا يعلمون ﴾ أنه مختص بذلك العلم أو لا يعلمون أن القيامة حق وإنما يقولون إن هي إلا حياتنا الدنيا، أو لا يعلمون السبب الذي


الصفحة التالية
Icon