ثم رجع إلى تقرير أمر التوحيد وإبطال الشرك فقال ﴿ هو الذي خلقكم من نفس واحدة ﴾ والمروي عن ابن عباس أنها نفس آدم وقد تقدم مثل ذلك في أول سورة النساء. قال مجاهد : كان لا يعيش لآدم وامرأته ولد فقال لهما الشيطان : إذا ولد لكما ولد فسمياه عبد الحرث وكان اسم إبليس في الملائكة الحرث وذلك قوله ﴿ فلما آتاهما صالحاً ﴾ ولداً سوياً ﴿ جعلا ﴾ يعني آدم وحوّاء ﴿ له شركاء ﴾ والمراد تسميته بعبد الحرث وهذا تمام القصة وقد زيفها النقاد بوجوه منها : أنه تعالى قال ﴿ فتعالى الله عما يشركون ﴾ بلفظ الجمع لا التثنية ومنها قوله ﴿ أيشركون ما لا يخلق شيئاً ﴾ إلى آخر الآيات وفي ذلك تصريح بأن المراد الأصنام ولو كان المراد إبليس لكان " أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهو يخلق "؟. ومنها أن آدم عليه السلام كان عالماً بجميع الأسماء فكيف ضاقت عليه الأسماء، أم كيف لم يعرف أن اسم إبليس كان حارثاً، أم كيف لم يتنبه لغدر إبليس بعد أن جرى عليه منه ما جرى؟ ومنها أنه أراد بذلك اسم علم أو اسم صفة والأوّل لا يستلزم محذوراً إلا أن أسماء الأعلام لا تفيد في المسميات فائدة فلا يلزم الإشراك، والثاني يوجب الكفر الصريح ولا قائل بإمكان نسبته إلى آدم فعند ذلك ذكر العلماء في تأويله وجوهاً : أحدها أن هذا مثل فكأنه تعالى يقول هو الذي خلقكم أي كل واحد منكم من نفس واحدة وجعل من جنسها زوجها إنساناً يساويه في الإنسانية يسكن أي تلك النفس، فذكر بعد ما أنث حملاً على المعنى ولأن الذكر هو الذي يسكن إلى الأنثى ويطمئن إليها فكان التذكير أحسن طباقاً للمعنى ﴿ فلما تغشاها ﴾ أي جامعها لأنه إذا علاها صار كالغاشية لها ﴿ حملت حملاً خفيفاً ﴾ قالوا : يريد النطفة. والحمل بالفتح ما كان في البطن أو على رأس الجرة، وبكسر الحاء ما حمل على الظهر أو على الدابة ﴿ فمرت به ﴾ أي استمرت وقضت على ذلك الحمل من غير إذلاق. وقيل : فقامت وقعدت به من غير ما ثقل. وقيل :