وَكَمَا دَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا يَجْهَرُ بِهِ فَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى النَّهْيِ فِيمَا يُخْفِي ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ الِاسْتِمَاعَ وَالْإِنْصَاتَ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ حَالَ الْجَهْرِ مِنْ الْإِخْفَاءِ، فَإِذَا جَهَرَ فَعَلَيْنَا الِاسْتِمَاعُ وَالْإِنْصَاتُ وَإِذَا أَخْفَى فَعَلَيْنَا الْإِنْصَاتُ بِحُكْمِ اللَّفْظِ لِعِلْمِنَا بِأَنَّهُ قَارِئٌ لِلْقُرْآنِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَابْنُ سِيرِينَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ :﴿ لَا يَقْرَأُ فِيمَا جَهَرَ ﴾.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :﴿ يَقْرَأُ فِيمَا جَهَرَ وَفِيمَا أَسَرَّ ﴾.
وَقَالَ مَالِكٌ :﴿ يَقْرَأُ فِيمَا أَسَرَّ وَلَا يَقْرَأُ فِيمَا جَهَرَ ﴾.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :﴿ يَقْرَأُ فِيمَا جَهَرَ وَفِيمَا أَسَرَّ ﴾ فِي رِوَايَةِ
الْمُزَنِيّ، وَفِي الْبُوَيْطِيِّ :﴿ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِيمَا أَسَرَّ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ فِي الْأُولَيَيْنِ وَأُمِّ الْقُرْآنِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَفِيمَا جَهَرَ فِيهِ الْإِمَامُ لَا يَقْرَأُ مَنْ خَلْفَهُ إلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ ﴾، قَالَ الْبُوَيْطِيُّ : وَكَذَلِكَ يَقُولُ اللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ.


الصفحة التالية
Icon