قِيلَ لَهُ : أَمَّا حَدِيثُ السَّكْتَتَيْنِ فَهُوَ غَيْرُ ثَابِتٍ وَلَوْ ثَبَتَ لَمْ يُدْرَكْ عَلَى مَا ذَكَرْت ؛ لِأَنَّ السَّكْتَةَ الْأُولَى إنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ الِاسْتِفْتَاحِ، وَالثَّانِيَةُ إنْ ثَبَتَتْ فَلَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى أَنَّهَا بِمِقْدَارِ مَا يَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَإِنَّمَا هِيَ فَصْلٌ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَبَيْنَ تَكْبِيرِ الرُّكُوعِ لِئَلَّا يَظُنَّ مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّ التَّكْبِيرَ مِنْ الْقِرَاءَةِ إذَا كَانَ مَوْصُولًا بِهَا، وَلَوْ كَانَتْ السَّكْتَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِمِقْدَارِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ لَكَانَ ذَلِكَ مُسْتَفِيضًا وَنَقْلُهُ شَائِعًا ظَاهِرًا، فَلَمَّا لَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الِاسْتِفَاضَةِ مَعَ عُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ ؛ إذْ كَانَتْ مَفْعُولَةً لِأَدَاءِ فَرْضِ الْقِرَاءَةِ مِنْ الْمَأْمُومِ ثَبَتَ أَنَّهُمَا غَيْرُ ثَابِتَتَيْنِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ سَبِيلَ الْمَأْمُومِ أَنْ يَتْبَعَ الْإِمَامَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ تَابِعًا لِلْمَأْمُومِ، فَعَلَى قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ يَسْكُتُ الْإِمَامُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ حَتَّى يَقْرَأَ الْمَأْمُومُ، وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ ﴾


الصفحة التالية
Icon