فصل


قال الفخر :
﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (٢٠٥) ﴾
في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
اعلم أنه تعالى لما قال :﴿وَإِذَا قُرِىءَ القرءان فاستمعوا لَهُ وَأَنصِتُواْ﴾ [ الأعراف : ٢٠٤ ] اعلم أن قارئاً يقرأ القرآن بصوت عال حتى يمكنهم استماع القرآن، ومعلوم أن ذلك القارىء ليس إلا الرسول عليه السلام، فكانت هذه الآية جارية مجرى أمر الله محمداً ﷺ بأن يقرأ القرآن على القوم بصوت عال رفيع، وإنما أمره بذلك ليحصل المقصود من تبليغ الوحي والرسالة، ثم إنه تعالى أردف ذلك الأمر، بأن أمره في هذه الآية بأن يذكر ربه في نفسه، والفائدة فيه : أن انتفاع الإنسان بالذكر إنما يكمل إذا وقع الذكر بهذه الصفة، لأنه بهذا الشرط أقرب إلى الإخلاص والتضرع.
المسألة الثانية :
أنه تعالى أمر رسوله بالذكر مقيداً بقيود.
القيد الأول :﴿واذكر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ﴾ والمراد بذكر الله في نفسه كونه عارفاً بمعاني الأذكار التي يقولها بلسانه مستحضراً لصفات الكمال والعز والعلو والجلال والعظمة، وذلك لأن الذكر باللسان إذا كان عارياً عن الذكر بالقلب كان عديم الفائدة.
ألا ترى أن الفقهاء أجمعوا على أن الرجل إذا قال : بعت واشتريت مع أنه لا يعرف معاني هذه الألفاظ ولا يفهم منها شيئاً، فإنه لا ينعقد البيع والشراء، فكذا ههنا ويتفرع على ما ذكرنا أحكام :
الحكم الأول


الصفحة التالية
Icon