وقال الخازن :
قوله :﴿ واذكر ربك في نفسك ﴾
الخطاب للنبي ( ﷺ ) ويدخل فيه غيره من أمته لأنه عام لسائر المكلفين.
قال ابن عباس : يعني بالذكر القرآن في الصلاة يريد اقرأ سراً في نفسك والفائدة فيه أن انتفاع الإنسان بالذكر إنما يكمل إذا وقع الذكر بهذه الصفة لأن ذكر النفس أقرب إلى الإخلاص والبعد عن الرياء وقيل المراد بالذكر في النفس أن يستحضر في قلبه عظمة المذكور جل جلاله وإذا كان الذكر باللسان عارياً عن ذكر القلب كان عديم الفائدة لأن فائدة الذكر حضور القلب واستشعاره عظمة المذكور ﴿ تضرعاً ﴾ يقال ضرع الرجل يضرع ضراعه إذا خضع وذل واستكان لغيره ﴿ وخيفة ودون الجهر من القول ﴾ يعني وخوفاً والمعنى تضرع إليّ وخاف عذابي.
وقال مجاهد وابن جريج : أمر أن يذكروه في الصدور بالتضرع والاستكانة دون رفع الصوت في الدعاء وهاهنا لطيفة وهي أن قوله سبحانه وتعالى :﴿ واذكر ربك في نفسك ﴾ فيه إشعار بقرب العبد من الله وهو مقام الرجاء لأن لفظ الرب مشعر بالتربية والرحمة والفضل والإحسان فإذا تذكر العبد إنعام الله عليه وإحسانه إليه فعند ذلك يقوى مقام الرجاء ثم أتبعه بقوله تضرعاً وخيفة وهذا مقام الخوف فإذا حصل في قلب العبد داعية الخوف والرجاء قوي إيمانه والمستحب أن يكون الخوف أغلب على العبد في حال صحته وقوته فإذا قارب بالموت ودنا آخر أجله فيستحب أن يغلب رجاؤه على خوفه.
عن أنس بن مالك " أن النبي ( ﷺ ) دخل على شاب وهو في الموت فقال " كيف تجدك " ؟ قال أرجو الله يا رسول الله وإني أخاف ذنوبي فقال رسول الله ( ﷺ ) :" لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو منه وآمنه مما يخاف " أخرجه الترمذي.


الصفحة التالية
Icon