وقال القاسمى :
﴿ وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ﴾ خطاب للنبي ﷺ، والمراد عام، أو المعنى : واذكر ربك أيها الْإِنْسَاْن، والأول أظهر، لأن ما خوطب به النبي ﷺ ولم يكن من خصائصه، فإنه مشروع لأمته.
وقد أوضح هذا آية :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾ والأمر بالذكر.
قال الزمخشري : هو عام في الأذكار من قراءة القرآن والدعاء والتسبيح والتهليل وغير ذلك.
وقال بعض الزيدية : هذا الأمر يحتمل الوجوب، إن فسر الذكر بالصلاة، وإن أريد الدعاء أو الذكر باللسان، فهو محمول على الإستحباب. قال : وبكل فسرت الآية.
ثم إنه تعالى ذكر آداباً لذكره :
الأول : أن يكون في نفسه، لأن الإخفاء أدخل في الإخلاص، وأقرب إلى الإجابة، وأبعد من الرياء.
الثاني : أن يكون على سبيل التضرع، وهو التذلل والخضوع والإعتراف بالتقصير، ليتحقق بذلة العبودية لعزة الربوبية.
الثالث : أن يكون على وجه الخيفة، أي : الخوف والخشية من سلطان الربوبية، وعظمة الألوهية، من المؤاخذة على التقصير في العمل، لتخشع النفس، ويخضع القلب.
الرابع : أن يكون دون الجهر، لأنه أقرب إلى حسن التفكر. قال ابن كثير : فلهذا يستحب أن لا يكون الذكر نداءً ولا جهراً بليغاً.
وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : رفع الناس أصواتهم بالدعاء في بعض الأسفار، فقال لهم النبي ﷺ :< يا أيها الناس ! اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إن الذي تدعونه سميع قريب، أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته >.