} وَهَذَا أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ حَالِ الْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ ؛ إذْ لَمْ يَذْكُرْ فَرْقًا بَيْنَهُمَا.
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزٍ عَنْ ابْنِ بُحَيْنَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : هَلْ قَرَأَ مَعِي أَحَدٌ آنِفًا فِي الصَّلَاةِ ؟ قَالُوا : نَعَمْ، قَالَ : فَإِنِّي أَقُولُ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ ﴾، قَالَ : فَانْتَهَى النَّاسُ عَنْ الْقِرَاءَةِ مَعَهُ مُنْذُ قَالَ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ تَرْكِهِمْ الْقِرَاءَةَ خَلْفَهُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ ؛ فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ كُلُّهَا تُوجِبُ النَّهْيَ عَنْ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ أَوْ يُسِرُّ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ جُلَّةِ الصَّحَابَةِ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ وَإِظْهَارِ النَّكِيرِ عَلَى فَاعِلِهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ شَائِعًا لَمَا خَفِيَ أَمْرُهُ عَلَى الصَّحَابَةِ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَلَكَانَ مِنْ الشَّارِعِ تَوْقِيفٌ لِلْجَمَاعَةِ عَلَيْهِ وَلَعَرَفُوهُ كَمَا عَرَفُوا الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ، إذْ كَانَتْ الْحَاجَةُ إلَى مَعْرِفَةِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ كَهِيَ إلَى الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْإِمَامِ، فَلَمَّا رُوِيَ عَنْ جُلَّةِ الصَّحَابَةِ إنْكَارُ
الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ ثَبَتَ أَنَّهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ.