وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَخْبَارَنَا أَوْلَى اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى اسْتِعْمَالِهَا فِي النَّهْيِ عَنْ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي حَالِ جَهْرِ الْإِمَامِ، وَخَبَرُهُمْ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَكَانَ مَا اتَّفَقُوا عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي حَالٍ أَوْلَى مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ.
فَإِنْ قِيلَ : تُسْتَعْمَلُ الْأَخْبَارُ كُلُّهَا، فَيَكُونُ أَخْبَارُ النَّهْيِ فِيمَا عَدَا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَأَخْبَارُ الْأَمْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ.
قِيلَ لَهُ : هَذَا يَبْطُلُ بِمَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ :﴿ عَلِمْت أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا ﴾ وَقَوْلُهُ :﴿ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ ﴾ وَالْقُرْآنُ لَا يَخْتَصُّ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ دُونَ غَيْرِهَا، فَعَلِمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ الْجَمِيعَ.
وَقَالَ فِي حَدِيثِ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ إلَّا وَرَاءَ الْإِمَامِ ﴾ فَنَصَّ عَلَى تَرْكِهَا خَلْفَ الْإِمَامِ، وَذَلِكَ يُبْطِلُ تَأْوِيلَك وَقَوْلَك بِاسْتِعْمَالِ الْأَخْبَارِ بَلْ أَنْتَ رَادُّهَا غَيْرُ مُسْتَعْمِلٍ لَهَا.
فَإِنْ قِيلَ : مَا اسْتَدْلَلْت بِهِ مِنْ قَوْلِ الصَّحَابَةِ لَا دَلِيلَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ خَالَفَهُمْ نُظَرَاؤُهُمْ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ جَوَابٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ : قُلْت لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَوَسَمِعْت رَجُلًا قَالَ لَهُ اقْرَأْ خَلْفَ الْإِمَامِ ؟ قَالَ : نَعَمْ، قَالَ : قُلْت : وَإِنْ قَرَأَ ؟ قَالَ : وَإِنْ قَرَأَ.