ولقائل أن يقول : إنه تعالى أمره أولاً بالاستماع واشتغاله بالقراءة يمنعه من الاستماع، لأن السماع غير، والاستماع غير، فالاستماع عبارة عن كونه بحيث يحيط بذلك الكلام المسموع على الوجه الكامل، قال تعالى لموسى عليه السلام :﴿وَأَنَا اخترتك فاستمع لِمَا يُوحَى﴾ [ طه : ١٣ ] والمراد ما ذكرناه، وإذا ثبت هذا وظهر أن الاشتغال بالقراءة مما يمنع من الاستماع علمنا أن الأمر بالاستماع يفيد النهي عن القراءة.
السؤال الثالث : وهو المعتمد أن نقول : الفقهاء أجمعوا على أنه يجوز تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد فهب أن عموم قوله تعالى :﴿وَإِذَا قُرِىءَ القرءان فاستمعوا لَهُ وَأَنصِتُواْ﴾ يوجب سكوت المأموم عند قراءة الإمام، إلا أن قوله عليه الصلاة والسلام :" لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " وقوله :" لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " أخص من ذلك العموم، وثبت أن تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد لازم فوجب المصير إلى تخصيص عموم هذه الآية بهذا الخبر، وهذا السؤال حسن.