قال حكيم: فانطلقت حتى جئت أبا جهل، فوجدته قد نثل درعاً له من جرابها فهو يهيئها. فقلت له: يا أبا الحكم، إن عتبة أرسلني إليك بكذا وكذا، للذي قال، فقال: انتفخ والله سَحره [ يعني انتفخت رئته من الخوف ! ] حين رأى محمداً وأصحابه. كلا ! والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، وما بعتبة ما قال، ولكنه قد رأى أن محمداً وأصحابه أكلة جزور، وفيهم ابنه [ يعني أبا حذيفة رضي الله عنه وكان مسلماً مع المسلمين ] فقد تخوفكم عليه !
ثم بعث إلى عامر بن الحضرمي، فقال: هذا حليفك يريد أن يرجع بالناس. وقد رأيت ثأرك بعينك، فقم فانشد خفرتك [ أي عهدك ] ومقتل أخيك ! فقام عامر بن الحضرمي فاكتشف، ثم صرخ: واعمراه ! فحميت الحرب، وحقب أمر الناس [ أي اشتد ] واستوسقوا على ما هم عليه من الشر. فأفسد على الناسالرأي الذي دعاهم إليه عتبة. فلما بلغ عتبة قول أبي جهل: انتفخ والله سحره. قال: سيعلم مصفر استه [ يريد أن يشبهه في الجبن كالرجل الذي يتأنث ! ] من انتفخ سحره ؟ أنا أم هو !
قال ابن إسحاق: وقد خرج الأسود بن عبد الأسد المخزومي، وكان رجلاً شرساً سيئ الخلق، فقال: أعاهد الله لأشربن من حوضهم أو لأهدمنه أو لأموتن دونه. فلما خرج خرج إليه حمزة بن عبد المطلب - رضي الله عنه - فلما التقيا ضربه حمزة فأطنّ قدمه [ أي أطارها ] بنصف ساقه. وهو دون الحوض. فوقع على ظهره تشخب رجله دماً نحو أصحابه ; ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه يريد - زعم - أن يبر يمينه، واتبعه حمزة، فضربه حتى قتله في الحوض !


الصفحة التالية
Icon