وقال ﴿وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ﴾ فجعل "الأَسْفَلَ" ظرفا ولو شئت قلت ﴿أَسْفَلُ منكم﴾ [١٢٥ ب] اذا جعلته ﴿الرَكْب﴾ ولم تجعله ظرفا.
وقال ﴿وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ﴾ فالزم الادغام اذ صار في موضع يلزمه الفتح فصار مثل باب التضعيف. فاذا كان في موضع لا يلزمه الفتح لم يدغم نحو ﴿بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ الا ان تشاء ان تخفي وتكون في زنة متحرك لأنها لا تلزمه لأنك تقول ﴿تُحْيِي﴾ فتسكن في الرفع وتحذف في الجزم، فكل هذا يمنعه الادغام. وقال بعضهم ﴿مَنْ حَيِيَ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾ ولم يدغم اذا كان لا يدغمه في سائر ذلك. وهذا أقبح الوجهين لأنّ "حَيِيَ" مثل "خَشِيَ" لما صارت مثل غير التضعيف أجرى الياء الاخرة مثل ياء "خَشِيَ". وتقول للجميع "قد حَيُوا" كما تقول "قَدْ خَشُوا" ولا تدغم لأن ياء "خَشُوا" تعتل ها هنا. وقال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الثاني والعشرون بعد المئتين]:
وَحَيٍّ حَسِبْناهُمْ فَوارِسَ كَهْمَسٍ * حَيُوا بَعْدَما ماتُوا من الدَهْرِ أَعْصُرا
وقد ثَقَّل بعضُهم وتركها على ما كانت عليه وذلك قبيح. قال الشاعر: [من مجزوء الكامل وهو الشاهد الثالث والعشرون بعد المئتين]:
عَيُّوا بأَمْرِهِمُ كَما * عَيَّتْ بِبَيْضَتِها الحَمامَة
جَعَلَتْ لَهُ عُودَيْنِ مِنْ * نَشَمٍ وآخَرَ من ثُمَامَهْ
﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾
وقال ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ [١٢٦] فأضمر الخبر و الله اعلم. وقال الشاعر: [من الخفيف وهو الشاهد الحادي والثلاثون بعد المئة]:
إِنْ يَكُنْ طِبَّكِ الدَّلالُ فَلَوْ فِي * سالِفِ الدَّهْرِ والسنينَ الخَوالي


الصفحة التالية
Icon