ولعل الذي دعا أصحاب هذه الروايات إلى القول بمكية هذه الآيات أنها تتحدث عن أمور كانت في مكة قبل الهجرة.. ولكن هذا ليس بسبب.. فإن هناك كثيراً من الآيات المدنية تتحدث عن أمور كانت في مكة قبل الهجرة. وفي هذه السورة نفسها آية: ٢٦ قبل هذه الآيات تتحدث عن مثل هذا الشأن:
(واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض، تخافون أن يتخطفكم الناس، فآواكم وأيدكم بنصره، ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون)..
كما أن الآية: ٣٦ وهي الأخيرة من تلك الآيات تتحدث عن أمر كان بعد بدر، خاص بإنفاق المشركين أموالهم للتجهيز لغزوة أحد:
(إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله. فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة، ثم يغلبون، والذين كفروا إلى جهنم يحشرون)..
والروايات التي تذكر أن هذه الآيات مكية ذكرت في سبب النزول مناسبة هي محل اعتراض. فقد جاء فيها: أن أبا طالب قال لرسول الله ( ﷺ ) ما يأتمر به قومك ؟ قال: يريدون أن يسحروني ويقتلوني ويخرجوني ! فقال: من أخبرك بهذا ؟ قال: ربي. قال: نعم الرب ربك. فاستوص به خيراً ! فقال رسول الله ( ﷺ ): أنا استوصي به ! بل هو يستوصي بي خيراً ! فنزلت: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك).. الآية..
وقد ذكر ابن كثير هذه الرواية واعترض عليها بقوله:" وذكر أبي طالب في هذا غريب جداً، بل منكر. لأن هذه الآية مدنية. ثم إن هذه القصة، واجتماع قريش على هذا الائتمار، والمشاورة على الإثبات أو النفي أو القتل، إنما كانت ليلة الهجرة سواء. وذلك بعد موت أبي طالب بنحو من ثلاث سنين. لما تمكنوا منه واجترأوا عليه بسبب موت عمه أبي طالب، الذي كان يحوطه وينصره ويقوم بأعبائه "..