إن الجهاد ضرورة للدعوة. إذا كانت أهدافها هي إعلان تحرير الإنسان إعلاناً جاداً يواجه الواقع الفعلي بوسائل مكافئة له في كل جوانبه ; ولا يكتفي بالبيان الفلسفي النظري السلبي ! سواء كان الوطن الإسلامي - وبالتعبير الإسلامي الصحيح: دار الإسلام - آمنا أم مهدداً من جيرانه. فالإسلام حين يسعى إلى السلم، لا يقصد تلك السلم الرخيصة ; وهي مجرد أن يأمن على الرقعة الخاصة التي يعتنق أهلها العقيدة الإسلامية. إنما هو يريد السلم التي يكون الدين فيها كله لله. أي تكون عبودية الناس كلهم فيها لله ; والتي لا يتخذ فيها الناس بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله. والعبرة بنهاية المراحل التي وصلت إليها الحركة الجهادية في الإسلام - بأمر من الله - لا بأوائل أيام الدعوة ولا بأوسطها.. ولقد انتهت هذه المراحل كما يقول الإمام ابن القيم:" فاستقر أمر الكفار معه - بعد نزول براءة - على ثلاثة أقسام: محاربين له، وأهل عهد، وأهل ذمة.. ثم آلت حال أهل العهد والصلح إلى الإسلام.. فصاروا معه قسمين: محاربين، وأهل ذمة. والمحاربون له خائفون منه.. فصار أهل الأرض معه ثلاثة أقسام: مسلم مؤمن به. ومسالم له آمن [ وهم أهل الذمة كما يفهم من الجملة السابقة ] وخائف محارب ".. وهذه هي المواقف المنطقية مع طبيعة هذا الدين وأهدافه. لا كما يفهم المهزومون أمام الواقع الحاضر، وأمام هجوم المستشرقين الماكر !


الصفحة التالية
Icon