ثم توالت هذه السرايا، على رأس تسعة أشهر. ثم على رأس ثلاثة عشر شهراً. ثم على رأس ستة عشر شهراً. ثم كانت سرية عبدالله بن جحش في رجب على رأس سبعة عشر شهراً. وهي أول غزاة وقع فيها قتل وقتال. وكان ذلك في الشهر الحرام. والتي نزلت فيها آيات البقرة: (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه ! قل: قتال فيه كبير، وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام، وإخراج أهله منه أكبر عند الله، والفتنة أكبر من القتل. ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا...).
ثم كانت غزوة بدر الكبرى في رمضان من هذه السنة.. وهي التي نزلت فيها هذه السورة التي نحن بصددها.
ورؤية الموقف من خلال ملابسات الواقع، لا تدع مجالاً للقول بأن "الدفاع" بمفهومه الضيق كان هو قاعدة الحركة الإسلامية. كما يقول المهزومون أمام الواقع الحاضر، وأمام الهجوم الاستشراقي الماكر !
إن الذين يلجأون إلى تلمس أسباب دفاعية بحتة لحركة المد الإسلامي، إنما يؤخذون بحركة الهجوم الاستشراقية، في وقت لم تعد للمسلمين شوكة بل لم يعد للمسلمين إسلام ! - إلا من عصم الله ممن يصرون على تحقيق إعلان الإسلام العام بتحرير "الإنسان" في "الأرض" من كل سلطان إلا سلطان الله، ليكون الدين كله لله - فيبحثون عن مبررات أدبية للجهاد في الإسلام !
والمد الإسلامي ليس في حاجة إلى مبررات أدبية له أكثر من المبررات التي حملتها النصوص القرآنية: