إن هناك مبرراً ذاتياً في طبيعة هذا الدين ذاته ; وفي إعلانه العام، وفي منهجه الواقعي لمقابلة الواقع البشري بوسائل مكافئة لكل جوانبه، في مراحل محددة، بوسائل متجددة.. وهذا المبرر الذاتي قائم ابتداء - ولو لم يوجد خطر الاعتداء على الأرض الإسلامية وعلى المسلمين فيها - إنه مبرر في طبيعة المنهج وواقعيته، وطبيعة المعوقات الفعلية في المجتمعات البشرية.. لا من مجرد ملابسات دفاعية محدودة، وموقوتة !
وإنه ليكفي أن يخرج المسلم مجاهداً بنفسه وماله.. (في سبيل الله). في سبيل هذه القيم التي لا يناله هو من ورائها مغنم ذاتي ; ولا يخرجه لها مغنم ذاتي..
إن المسلم قبل أن ينطلق للجهاد في المعركة يكون قد خاض معركة الجهاد الأكبر في نفسه مع الشيطان.. مع هواه وشهواته.. مع مطامعه ورغباته.. مع مصالحه ومصالح عشيرته وقومه.. مع كل شارة غير شارة الإسلام.. ومع كل دافع إلا العبودية لله، وتحقيق سلطانه في الأرض وطرد سلطان الطواغيت المغتصبين لسلطان الله..
والذين يبحثون عن مبررات للجهاد الإسلامي في حماية "الوطن الإسلامي" يغضون من شأن "المنهج" ويعتبرونه أقل من "الموطن" ! وهذه ليست نظرة الإسلام إلى هذه الاعتبارات.. إنها نظرة مستحدثة غريبة على الحس الإسلامي، فالعقيدة والمنهج الذي تتمثل فيه والمجتمع الذي يسود فيه هذا المنهج هي الاعتبارات الوحيدة في الحس الإسلامي. أما الأرض - بذاتها - فلا اعتبار لها ولا وزن ! وكل قيمة للأرض في التصور الإسلامي إنما هي مستمدة من سيادة منهج الله وسلطانه فيها. وبهذا تكون محضن العقيدة وحقل المنهج و "دار الإسلام" ونقطة الانطلاق لتحرير "الإنسان"..


الصفحة التالية
Icon