"هذه هي الخطة التي سلكها. وهذا هو المنهاج الذي انتهجه النبي ( ﷺ ) ومن جاء بعده، وسار بسيرته من الخلفاء الراشدين، فإنهم بدأوا ببلاد العرب. ثم أشرقت شمس الإسلام من آفاقها. وأخضعوها أولاً لحكم الإسلام، وأدخلوها في كنف المملكة الإسلامية الجديدة. ثم دعا النبي ( ﷺ ) الملوك والأمراء والرؤساء في مختلف بقاع الأرض إلى دين الحق والإذعان لأمر الله. فالذين آمنوا بهذه الدعوة انضموا إلى هذه المملكة الإسلامية وأصبحوا من أهلها، والذين لم يلبوا دعوتها ولم يتقبلوها بقبول حسن شرع في قتالهم وجهادهم.. ولما استخلف أبو بكر رضي الله عنه، بعد وفاته ( ﷺ ) والتحاقه بالرفيق الأعلى، حمل على المملكتين المجاورتين للمملكة الإسلامية.. مملكتي الروم والفرس. اللتين بلغ من عتوهما وتماديهما في الغي والاستكبار في الأرض ما طبقت شهرته الآفاق. وبلغت هذه الحملات التي بدأ بها الصديق - رضي الله عنه - غايتها في عصر الفاروق الذي يرجع إليه الفضل العظيم في توطيد دعائم المملكة الإسلامية الأولى، حتى شمل ظلها الوارف تلك الأقطار جميعاً"... [ انتهت المقتطفات ].
على ضوء هذا البيان لطبيعة هذا الدين وحقيقته، ولطبيعة الجهاد فيه وقيمته، ولمنهج هذا الدين وخطته الحركية في الجهاد ومراحله.. نستطيع أن نمضي في تقييم غزوة بدر الكبرى، التي قال الله سبحانه عن يومها إنه "يوم الفرقان".. وأن نمضي كذلك في التعرف إلى سورة الأنفال، التي نزلت في هذه الغزوة، على وجه الإجمال.