قال المقريزي في "إمتاع الأسماع": فلم يرع أهل مكة إلا وضمضم يقول: يا معشر قريش، يا آل لؤي ابن غالب، اللطيمة [ وهي العير التي تحمل الطيب والمسك والثياب وليس فيما تحمله طعام يؤكل ] قد عرض لها محمد في أصحابه. الغوث الغوث. والله ما أرى أن تدركوها ! وقد جدّع أذني بعيره، وشق قميصه وحول رحله. فلم تملك قريش من أمرها شيئاً حتى نفروا على الصعب والذلول، وتجهزوا في ثلاثة أيام. وقيل في يومين. وأعان قويهم ضعيفهم. وقام سهيل بن عمرو، وزمعة بن الأسود، وطعيمة بن عدي، وحنظلة بن أبي سفيان، وعمرو بن أبي سفيان، يحضون الناس على الخروج. فقال سهيل: يا آل غالب، أتاركون أنتم محمداً والصباة [ أي المرتدين، يقصد المسلمين ! ] من أهل يثرب يأخذون عيراتكم وأمواكم ؟ من أراد مالاً فهذا مال، ومن أراد قوة فهذه قوة. فمدحه أمية بن أبي الصلت بأبيات ! ومشى نوفل بن معاوية الديلي إلى أهل القوة من قريش فكلمهم في بذل النفقة والحُملان [ أي ما يحمل عليه من الدواب، يقال فيما يكون هبة خاصة ] لمن خرج. فقال عبد الله بن أبي ربيعة: هذه خمسمائة دينار فضعها حيث رأيت. وأخذ من حويطب بن عبد العزى مائتي دينار وثلاث مائة دينار قوى بها في السلاح والظهر، وحمل طعيمة بن عدي على عشرين بعيراً، وقواهم وخلفهم في أهلهم بمعونة. وكان لا يتخلف أحداً من قريش إلا بعث مكانه بعيثا. ومشوا إلى أبي لهب فأبى أن يخرج أو يبعث أحداً، ويقال: إنه بعث مكانه العاصي، ابن هشام بن المغيرة - وكان له عليه دين - فقال: اخرج، وديني لك. فخرج عنه !... وأخذ عداس [ وهو الغلام النصراني الذي أرسله عتبة وشيبة ابنا ربيعة بقطف من العنب لرسول الله ( ﷺ ) يوم خرج إلى الطائف فرده أهله رداً قبيحا، وأتبعوه السفهاء والصبية يرمونه بالحجارة حتى أدموا قدميه الشريفتين، فلجأ منهم إلى بستان عتبة وشيبة. وقد وقع في نفس عداس ما وقع من أمر رسول