قوله :﴿إِنَّمَا المؤمنون الذين إِذَا ذُكِرَ الله﴾ ظاهره مشعر بأن تلك الآيات هي المؤثرة في حصول الزيادة في الإيمان، وليس الأمر كذلك، لأن نفس تلك الآيات لا توجب الزيادة، بل إن كان ولا بد فالموجب هو سماع تلك الآيات أو معرفة تلك الآيات توجب زيادة في المعرفة والتصديق والله أعلم.
الصفة الثالثة : للمؤمنين قوله تعالى :﴿وعلى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ واعلم أن صفة المؤمنين أن يكونوا واثقين بالصدق في وعده ووعيده، وأن يقولوا صدق الله ورسوله، وأن لا يكون قولهم كقول المنافقين ﴿مَّا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً﴾ [ الأحزاب : ١٢ ] ثم نقول : هذا الكلام يفيد الحصر، ومعناه : أنهم لا يتوكلون إلا على ربهم، وهذه الحالة مرتبة عالية ودرجة شريفة، وهي : أن الإنسان بحيث يصير لا يبقي له اعتماد في أمر من الأمور إلا على الله.
واعلم أن هذه الصفات الثلاثة مرتبة على أحسن جهات الترتيب، فإن المرتبة الأولى هي : الوجل من عقاب الله.
والمرتبة الثانية : هي الانقياد لمقامات التكاليف لله.
والمرتبة الثالثة : هي الانقطاع بالكلية عما سوى الله، والاعتماد بالكلية على فضل الله، بل الغنى بالكلية عما سوى الله تعالى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ٩٥ ـ ٩٧﴾


الصفحة التالية
Icon