وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ مَا رَوَى مُسْلِمٌ ﴿ أَنَّ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ : قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ رَجُلًا مِنْ الْعَدُوِّ، فَأَرَادَ سَلَبَهُ، فَمَنَعَهُ خَالِدٌ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَيْهِمْ ؛ فَأَخْبَرَ عَوْفٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِخَالِدٍ : مَا مَنَعَك أَنْ تُعْطِيَهُ سَلَبَهُ ؟ قَالَ : اسْتَكْثَرْته يَا
رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ : ادْفَعْهُ إلَيْهِ.
فَلَقِيَ عَوْفٌ خَالِدًا فَجَرَّهُ بِرِدَائِهِ، وَقَالَ : هَلْ أَنْجَزْت مَا ذَكَرْت لَك عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتُغْضِبَ، فَقَالَ : لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدٌ.
هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي إمْرَتِي ﴾
.
وَلَوْ كَانَ السَّلَبُ حَقًّا لَهُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ لَمَا رَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ فِي الْأَمْوَالِ، وَذَلِكَ أَمْرٌ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ.
وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ : مَا كَانَ النَّاسُ يُنَفِّلُونِ إلَّا مِنْ الْخُمُسِ.
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : لَا نَفَلَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ.
وَلَمْ يَصِحَّ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ : قَالَ عُلَمَاؤُنَا : النَّفَلُ عَلَى قِسْمَيْنِ : جَائِزٌ وَمَكْرُوهٌ، فَالْجَائِزُ بَعْدَ الْقِتَالِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ :﴿ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ ﴾.
وَالْمَكْرُوهُ أَنْ يُقَالَ قَبْلَ الْقَتْلِ :" مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا فَلَهُ كَذَا ".
وَإِنَّمَا كُرِهَ هَذَا ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ الْقِتَالُ فِيهِ لِلْغَنِيمَةِ.


الصفحة التالية
Icon