وقال الثعلبى :
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنفال ﴾ الآية
قال ابن عباس : أن النبيّ ﷺ قال يوم بدر :" مَنْ أتى مكان كذا وكذا فله من الفضل كذا، ومَنْ قتل قتيلاً فله كذا، ومَنْ أسر أسيراً فله كذا "، فلمّا التقوا سارع إليه الشبّان والفتيان وأقام الشيوخ ووجوه الناس عند الرايات، فلمّا فتح الله على المسلمين جاءوا يطلبون ما جعل النبيّ ﷺ فقال لهم الأشياخ : كنّا ردءاً لكم ولو انهزمتم فلا تستأثروا علينا، ولا تذهبوا [ بالغنائم دوننا ].
وقام أبو اليسر بن عمرو الأنصاري أخو بني سلمة فقال : يا رسول الله إنّك وعدت مَن قتل قتيلاً فله كذا ومَنْ أسر أسيراً فله كذا وإنّا قد قتلنا سبعين وأسرنا سبعين، فقام سعد بن معاذ فقال : والله ما منعنا أن نطلب ما طلب هؤلاء زهادةً في الآخرة ولا جبن عن العدو لكن كرهنا أن يعرّي مصافك فيعطف عليه خيل من خيل المشركين فيصيبوك، فأعرض عنهما رسول الله ﷺ ثمّ عاد أبو اليسر بمثل مقالته وقام سعد بمثل كلامه وقال : يا رسول الله إنّ الناس كثير وإن الغنيمة دون ذلك وإن تعطِ هؤلاء التي ذكرت لا يبقَ لأصحابك كثير شيء فنزلت ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنفال ﴾ الآية. فقسّم رسول الله ﷺ بينهم بالسويّة ".
وروى مكحول عن أبي أُمامة الباهلي قال : سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال فقال : فينا معاشر أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في الفعل وساءت فيه أخلاقنا فنزعه الله من أيدينا، فجعله إلى رسول الله ﷺ فقسّمه بين المسلمين عن سواء على السواء وكان في ذلك تقوى الله وطاعة رسوله صلاح ذات البين.


الصفحة التالية
Icon