فخرج إليه عبد الله بن مسعود، فلما رآه أبو جهل، قال : يا ابن أم عبد لمن الدولة؟ وعلى من الدائرة؟ فقال له ابن مسعود : لله ولرسوله يا عدو الله لأنت أعتى من فرعون، لأن فرعون جزع عند الغرق وأنت لم يزدك هذا الصرع إلاَّ تمادياً في الضلالة؟ ثم وضع رجله على عاتق أبي جهل، فقال له أبو جهل : لأنت رويعنا بالأمس، لقد ارتقيت مرتقًى عظيماً.
فقتله ابن مسعود وحز رأسه، وجاء برأسه إلى رسول الله ﷺ ؛ فخر رسول الله ﷺ ساجداً ثم قال لأبي بكر، ويقال لعليّ :" نَاوِلْنِي كَفّاً مِنْ تُرَابٍ ".
فأخذ رسول الله ﷺ قبضة من التراب، وَرَمَاهَا في وجوه القوم وقال :" شَاهَتِ الوُجُوهُ " لت في أعين القوم كلهم، فأقبل أصحاب رسول الله ﷺ يقتلونهم ويأسرون منهم، وحملوا على المشركين والملائكة معهم وقُذِف في قلوب المشركين الرعب، فقتلوا في تلك المعركة منهم سبعين، وأسروا سبعين، واستشهد يومئذ من المهاجرين ثلاثة عشر رجلاً.
ورجع رسول الله ﷺ بالأسارى والغنائم إلى المدينة، واستشار النبي ﷺ في أمر الأسارى، فأقبل على أبي بكر فقال :
" مَا تَقُولُ يَا أبَا بَكْرٍ " ؟ فقال : قومك وبنو عمك، فإن قتلتهم صاروا إلى النار، وإن تُقِدْهُمْ فلعل الله يهديهم إلى الإسلام، ويكون ما نأخذه منهم قوة للمسلمين وقوة على جهاد أعدائهم.
ثم أقبل على عمر فقال :" مَا تَقُولُ يَا أبَا حَفْصٍ " فقال عمر : إن في يديك رؤوس المشركين وصناديدهم، فاضرب أعناقهم وسيغني الله المؤمنين من فضله.