وقال ابن عطية :
قوله :﴿ إذ تستغيثون ربكم ﴾ الآية،
﴿ إذ ﴾ متعلقة بفعل، تقديره واذكر إذ وهو الفعل الأول الذي عمل في قوله ﴿ وإذ يعدكم ﴾ [ الأنفال الآية : ٧ ] وقال الطبري : هي متعلقة ب ﴿ يحق.. ويبطل ﴾.
قال القاضي أبو محمد : ويصح أن يعمل فيها ﴿ يعدكم ﴾ [ الأنفال : ٧ ] فإن الوعد كان في وقت الاستغاثة، وقرأ أبو عمرو بإدغام الذال في التاء واستحسنها أبو حاتم، و﴿ تستغيثون ﴾ معناه تطلبون، وليس يبين من ألفاظ هذه الآية أن المؤمنين علموا قبل القتال بكون الملائكة معهم، فإن استجاب يمكن أن يقع في غيبه تعالى، وقد روي أنهم علموا ذلك قبل القتال، ومعنى التأنيس وتقوية القلوب يقتضي ذلك، وقرأ جمهور الناس " أني " بفتح الألف، وقرأ أبو عمرو في بعض ما روي عنه وعيسى بن عمر بخلاف عنه " إني " بكسر الألف أي قال إني، و﴿ ممدكم ﴾ أي مكثركم ومقويكم من أمددت. وقرأ جمهور الناس " بألف " وقرأ عاصم الجحدري " بئألف " على مثل فلس وأفلس فهي جمع ألف، والإشارة بها إلى الآلاف المذكورة في آل عمران، وقرأ عاصم الجحدري أيضاً " بآلاف " و﴿ مردفين ﴾ معناه متبعين، ويحتمل أن يراد المردفين المؤمنين أي أردفوا بالملائكة ف ﴿ مردفين ﴾ على هذا حال من الضمير في قوله ﴿ ممدكم ﴾ ويحتمل أن يراد به الملائكة أي أردف بعضهم بعض غير نافع " مردِفين " بكسر الدال وهي قراءة الحسن ومجاهد والمعنى فيها تابع بعضهم بعضاً وروي عن ابن عباس خلف كل ملك ملك، وهذا معنى التتابع يقال ردف وأردف إذا أتبع وجاء بعد الشيء، ويحتمل أن يراد مردفين المؤمنين.
ويحتمل أن يراد مردفين بعضهم بعضاً، ومن قال " مردفين " بمعنى أن كل ملك أردف ملكاً وراءه فقول ضعيف لم يأت بمقتضاه رواية، وقرأ رجل من أهل مكة رواه عنه الخليل " مرَدِّفين " بفتح الراء وكسر الدال وشدها.


الصفحة التالية
Icon