وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ ﴾
سبب نزولها ما روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لما كان يوم بدر، نظر النبي ﷺ إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيِّف، ونظر إلى المشركين وهم ألف وزيادة، فاستقبل القبلة، ثم مدَّ يديه وعليه رداؤه وإزاره، ثم قال :" اللهم أنجز ما وعدتني، اللهم أنجز ما وعدتني، اللهم إنك إن تُهْلِكْ هذه العصابة لا تُعبَدْ في الأرض أبداً " فما زال يستغيث ربه ويدعوه، حتى سقط رداؤه، فأتاه أبو بكر الصديق فأخذ رداءه فردّاه به، ثم التزمه من ورائه، وقال : يا نبي الله كذاك مناشدتك ربك، فانه سينجز لك ما وعدك ؛ وأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله تعالى :﴿ إذ ﴾ قال ابن جرير : هي من صلة "يبطل".
وفي قوله :﴿ تستغيثون ﴾ قولان.
أحدهما : تستنصرون.
والثاني : تستجيرون.
والفرق بينهما أن المستنصر يطلب الظفر، والمستجير يطلب الخلاص.
وفي المستغيثين قولان.
أحدهما : أنه رسول الله ﷺ والمسلمون، قاله الزهري.
والثاني : أنه رسول الله ﷺ، قاله السدي.
فأما الإمداد فقد سبق في [ آل عمران : ١٢٤ ].
وقوله :﴿ بألف ﴾ قرأ الضحاك، وأبو رجاء :"بآلاف" بهمزة ممدودة وبألف على الجمع.
وقرأ أبو العالية، وأبو المتوكل :"بألوف" برفع الهمزة واللام وبواو بعدها على الجمع.
وقرأ ابن حَذْلَم، والجحدري، "بأُلُفٍ" بضم الألف واللام من غير واو ولا ألف، وقرأ أبو الجوزاء، وأبو عمران :"بِيَلْفٍ" بياء مفتوحة وسكون اللام من غير واو ولا ألف، فأما قوله :﴿ مردِفين ﴾ فقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي :"مردِفين" بكسر الدال.
قال ابن عباس، وقتادة، والضحاك، وابن زيد، والفراء : هم المتتابعون.
وقال أبو علي : يحتمل وجهين.


الصفحة التالية
Icon