وقال أبو السعود :
﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ ﴾
بدلٌ من إذ يعدكم معمولٌ لعامله، فالمراد تذكيرُ استمدادِهم منه سبحانه والتجائِهم إليه تعالى حين ضاقت عليهم الحِيلُ وعيَّتْ بهم العِللُ، وإمدادُه تعالى حينئذ وقيل : متعلقٌ بقوله تعالى ليحق الحق على الظرفية، وما قيل من أن قولَه تعالى ليُحِق مستقبلٌ لأنه منصوبٌ بأن فلا يمكن عملُه في إذا لأنه ظرف لما مضى ليس بشيء لأن كونَه مستقبَلاً إنما هو بالنسبة إلى زمان ما هو غايةٌ له في الفعل المقدرِ لا بالنسبة إلى زمان الاستغاثةِ حتى لا يعملَ فيه بل هما في وقت واحدٍ وإنما عبّر عن زمانها بإذ نظراً إلى زمان النزولِ، وصيغةُ الاستقبالِ في تستغيثون لحكاية الحالِ الماضيةِ لاستحضار صورتِها العجيبة، وقيل : متعلقٌ بمضمر مستأنفٍ أي اذكروا وقت استغاثتِكم وذلك أنهم لما علموا أنه لا بد من القتال جعلوا يدعون الله تعالى قائلين : أيْ ربُّ انصُرنا على عدوك يا غياثَ المستغيثين أغِثْنا، ( وعن عمرَ رضي الله عنه أن رسولَ الله ﷺ نظر إلى المشركين وهم ألفٌ وإلى أصحابه وهو ثلثُمائة وبضعةَ عشرَ فاستقبل القِبلةَ ومد يديه يدعو :" اللهَّم أنجِزْ لي ما وعدتني اللهم إنْ تهلِكْ هذه العِصابةُ لا تعبَدْ في الأرض " فما زال كذلك حتى سقط رداؤُه فأخذه أبو بكر رضى الله عنه فألقاه على منكبه والتزمه من ورائه وقال : يا نبيَّ الله كفاك مناشدتُك ربَّك فإنه سيُنجز لك ما وعدك ).