ويعقوب ﴿ مُرْدِفِينَ ﴾ بفتح الدال، وفيه احتمالان أن يكون بمعنى متبعين بالتشديد أي اتبعهم غيرهم، وأن يكون بمعنى متبعين بالتخفيف أي جعلوا أنفسهم تابعة لغيرهم، وأريد بالغير في الاحتمالين المؤمنون، فتكون الملائكة على الأول مقدمة الجيش وعلى الثاني ساقتهم، وقد يقال : المراد بالغير آخرون من الملائكة، وفي الآثار ما يؤيده، أخرج ابن جرير عن علي كرم الله تعالى وجهه قال :"نزل جبريل عليه السلام في ألف من الملائكة عن ميمنة النبي ﷺ وفيها أبو بكر رضي الله تعالى عنه ونزل ميكائيل عليه السلام في ألف من الملائكة عن ميسرة النبي ﷺ وأنا فيها" لكن في "الكشاف" بدل الألف في الموضعن خمسمائة، وقرىء ﴿ مُرْدِفِينَ ﴾ بكسر الراء وضمها، وأصله على هذه القراءة مرتدفين بمعنى مترادفين فأبدلت التاء دالاً لقرب مخرجهما وأدغمت في مثلها فالتقى الساكنان فحركت الراء بالكسر على الأصل، أو لاتباع الدال أو بالضم لاتباع الميم، وعن الزجاج أنه يجوز في الراء الفتح أيضاً للتخفيف أو لنقل حركة التاء وهي القراءة التي حكاها الخليل عن بعض المكيين، وذكر أبو البقاء أنه قرىء بكسر الميم والراء، ونقل عن بعضهم أن مردفاً بفتح الراء وتشديد الدال من ردف بتضعيف العين أو أن التشديد بدل من الهمزة كأفرحته وفرحته.
ومن الناس من فسر الارتداف بركوب الشخص خلف الآخر وأنكره أبو عبيدة وأيده بعضهم، وعن السدي أنه قرىء ﴿ بآلاف ﴾ على الجمع فيوافق ما وقع في سورة أخرى ﴿ بِثَلاَثَةِ ءالاَفٍ ﴾ [ آل عمران : ١٢٤ ] و﴿ بِخَمْسَةِ آلافٍ ﴾ [ آل عمران : ١٢٥ ] قيل : ووجه التوفيق بينه وبين المشهور أن المراد بالألف الذين كانوا على المقدمة أو الساقة أو وجوههم أو من قاتل منهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي أنه قال : كان ألف مردفين وثلاثة آلف منزلين وهو جمع ليس بالجيد.
وأخرج ابن جرير.


الصفحة التالية
Icon