وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ وما جعله الله ﴾ الآية،
الضمير في ﴿ جعله ﴾ عائد على الوعد.
قال القاضي أبو محمد : وهذا عندي أمكن الأقوال من جهة المعنى، وقال الزجّاج : الضمير عائد على المدد، ويحتمل أن يعود على الإمداد، وهذا يحسن مع قول من يقول إن الملائكة لم تقاتل وإنما أنست بحضورها مع المسلمين.
قال القاضي أبو محمد : وهذا عندي ضعيف ترده الأحاديث الواردة بقتال الملائكة وما رأى من ذلك أصحاب النبي ﷺ كابن مسعود وغيره، ويحتمل أن يعود على الإرداف وهو قول الطبري، وهذا أيضاً يجري مجرى القول الذي قبله ويحتمل أن يعود على " الألف " وهذا أيضاً كذلك، لأن البشرى بالشيء إنما هي ما لم يقع بعد، و" البشرى " مصدر من بشرت، والطمأنينة السكون والاستقرار وقوله ﴿ وما النصر إلا من عند الله ﴾ توقيف على أن الأمر كله لله وأن تكسب المرء لا يغني إذا لم يساعده القدر وإن كان مطلوباً بالجد كما ظاهر رسول الله ﷺ بين درعين، وهذه القصة كلها من قصة الكفار وغلبة المؤمنين لهم تليق بها من صفات الله عز وجل العزة والحكمة إذا تؤمل ذلك. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال الخازن :
﴿ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى ﴾
يعني وما جعل الله الإرداف بالملائكة إلا بشرى ﴿ ولتطمئن به قلوبكم ﴾ وهذا يحقق أنهم إنما نزلوا لذلك لا للقتال والصحيح هو الأول وأنهم قاتلوا يوم بدر ولم يقاتلوا فيما سواه من الأيام.
وقوله تعالى :﴿ وما النصر إلا من عند الله ﴾ يعني أن الله هو ينصركم أيها المؤمنون فثقوا بنصره ولا تتكلوا على قوتكم وشدة بأسكم وفيه تنبيه على أن الواجب على العبد المسلم أن لا يتوكل إلا على الله في جميع أحواله ولا يثق بغيره فإن الله تعالى بيده النصر والإعانة ﴿ إن الله عزيز ﴾ يعني أنه تعالى قوي منيع لا يقهره شيء ولا يغلبه غالب بل هو يقهر كل شيء ويغلبه ﴿ حكيم ﴾ يعني في تدبيره ونصره ينصر من يشاء ويخذل من يشاء من عباده. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon