" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
في قوله ﴿ كَمَآ أَخْرَجَكَ ﴾ عشرون وجهاً :
أحدها : أنَّ الكاف نعتٌ لمصدر محذوف تقديرهُ : الأنفالُ ثابتةٌ للَّه ثبوتاً كما أخرجك، أي : ثبوتاً بالحقِّ كإخراجك من بيتك بالحقِّ، يعني لا مرية في ذلك، ووجه هذ التَّشبيه أنَّ النبي ـ ﷺ ـ لمَّا رأى كثرة المشركين يوم بدرٍ، وقلَّة المؤمنين قال : مَنْ قتل قتيلاً فله كذا، ومَنْ أسر أسيراً فله كذا، لِيرغِّبَهُم في القتال، فلمَّا انهزم المشركون قال سعدٌ : يا رسول اللَّهِ إنَّ جماعة من أصحابك وقومك فدوك بأنفسهم، ولم يتأخَّرُوا عن القتال جُبْناً، ولا بُخْلاً ببذل مهجتهم، ولكنَّهم أشفقوا عليك من أن تُغتال، فمتى أعطيت هؤلاء ما سميته لهم ؛ بَقِيَ خلقٌ من المسلمين بغير شيء ؛ فأنزل اللَّهُ تعالى :﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنفال قُلِ الأنفال للَّهِ والرسول ﴾ [ الأنفال : ١ ] يصنعُ فيها ما يشاء، فأمسك المسلمون عن الطَّلبِ، وفي أنفس بعضهم شيء من الكراهة وحين خرج النبي ـ ﷺ ـ إلى القتال يوم بدر كانوا كارهين لتلك المقالتة على ما سنشرحه، فلمَّا قال :﴿ قُلِ الأنفال للَّهِ والرسول ﴾ [ الأنفال : ١ ] كان التقدير : أنَّهم رضوا بهذا الحكم في الأنفالِ وإن كانُوا كارهين له كما أخرجك ربك من بيتك بالحقِّ إلى القتال، وإن كانُوا كارهين.
الثاني : قال عكرمةُ : تقديره : وأصلحوا ذات بينكم إصلاحاً كما أخرجك، وقد التفت من خطاب الجماعة إلى خطاب الواحد.
والثالث : تقديرهُ : وأطيعوا اللَّهَ ورسولهُ طاعةً محققةً ثابتةً كما أخرجك، أي : كما أنَّ إخراج اللَّه إياك لا مرية فيه ولا شبهة.
الرابع : تقديره : يتوكَّلون توكلاً حقيقياً كما أخرجك ربُّك.
الخامس : تقديره : هم المؤمنون حقّاً كما أخرجك فهو صفةٌ لـ " حقاً ".
السادس : تقديره : استقرَّ لهم درجاتٌ وكذا استقراراً ثابتاً كاستقرار إخراجك.


الصفحة التالية
Icon