وقال أبو حيان :
والظاهر أن ضمير الرفع في ﴿ يجادلونك ﴾ عائد على فريق المؤمنين الكارهين وجدالهم قولهم ما كان خروجنا إلا للعير ولو عرفنا لاستعددنا للقتال والحق هنا نصرة دين الإسلام، وقيل الضمير يعود على المشركين وجدالهم في الحق هو في شريعة الإسلام.
وقرأ عبد الله بعدما بين بضم الباء من غير تاء وفي قوله ﴿ بعدما تبين ﴾ إنكار عظيم عليهم لأنّ من جادل في شيء لم يتضح كان أخف عتباً أما من نازع في أمر واضح فهو جدير باللوم والإنكار ثم شبه حالهم في فرط فزعهم وهم يساريهم إلى الظفر والغنيمة بحال من يساق على الصفا إلى الموت وهو مشاهد لأسبابه ناظر إليها لا يشك فيها، وقيل كان خوفهم لقلة العدد وأنهم كانوا رجالة، وروي أنه ما كان فيهم إلا فارسان وكانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر وكان المشركون في نحو ألف رجل وقصة بدر هذه مستوعبة في كتاب السير وقد لخص منها الزمخشري وابن عطية ما يوقف عليه في كتابيهما. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال أبو السعود :
﴿ يجادلونك فِي الحق ﴾
الذي هو تلقّي النفيرِ لإيثارهم عليه تلقيَ العير، والجملةُ استئنافٌ أو حالٌ ثانية أي أخرجك في حال مجادلِتهم إياك ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في لَكارهون وقوله تعالى :﴿ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ ﴾ منصوبٌ بيجادلونك، وما مصدرية أي بعد تبين الحقِّ لهم بإعلامك أنهم يُنصَرون أينما تواجهوا ويقولون : ما كان خروجُنا إلا للعِير، وهلا قلتَ لنا لنستعدَّ ونتأهَّبَ وكان ذلك لكراهتهم القتالَ ﴿ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الموت ﴾ الكافُ في محل النصبِ على الحالية من الضمير في لَكارهون أي مُشبّهين بالذين يُساقون بالعنف والصَّغار إلى القتل ﴿ وَهُمْ يَنظُرُونَ ﴾ حال من ضمير يساقون أي والحالُ أنهم ينظرُون إلى أسباب الموتِ ويشاهدونها عِيانا، وما كانت هذه المرتبةُ من الخوف والجزعِ إلا لقلة عددِهم وعدمِ تأهُّبِهم وكونهم رِجالة. روي أنه لم يكن فيهم إلا فارسان. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٤ صـ ﴾