فخرج ضمضم سريعاً إلى مكّة وخرج الشيطان معه في صورة سراقة بن خعشم فأتى مكّة فقال : إنّ محمداً وأصحابه قد عرضوا لعيركم فلا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم، فغضب أهل مكّة وانتدبوا وتنادوا لا يتخلف عنا أحد إلاّ هدمنا داره واستبحناه، وخرج رسول الله ﷺ في أصحابه حتّى بلغ وادياً يقال له : وفران، فأتاه الخبر عن مسير قريش ليمنعوا عيرهم، فخرج رسول الله عليه السلام حتّى إذا كانوا بالروحاء أخذ عيناً للقوم فأخبره بهم وبعث رسول الله ﷺ أيضاً عيناً له من جهينة حليفاً للأنصار يدعى ابن الاريقط فأتاه بخبر القوم، وسبقت العير رسول الله ﷺ فنزل جبرئيل فقال : إن الله وعدكم إحدى الطائفتين إمّا العير وإمّا قريش، وكان العير أحب إليهم فاستشار النبيّ ﷺ أصحابه في طلب العير وحرب النفير فقام أبو بكر فقال : وأحسن وقام عمر وقال وأحسن، ثمّ قام المقداد بن عمرو فقال : يا رسول الله امض لما أمرك الله ونحن معك والله ما نقول كما قالت بنو اسرائيل لموسى ﴿ اذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فقاتلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴾ [ المائدة : ٢٤ ]، ولكن إذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا معكم مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك العماد لجالدنا معك من دونه حتّى نبلغه.
فقال له رسول الله ﷺ خيراً ودعا له بخير، ثمّ قال رسول الله ﷺ " أشيروا عليّ أيُّها الناس ".