وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ ﴾ الآية.
وسبب ذلك أن عير قريش لما أقبلت من الشام مع أبي سفيان همّ رسول الله ﷺ بالخروج لأخذها، وسار فبلغ ذلك قريشاً فخرجت للمنع عنها، فلما علم النبي ﷺ بخروجها شاور أصحابه، فقال سعد بن معاذ : يا رسول الله قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فوالذي بعثك إن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لنخوضنه معك، فسر رسول الله ﷺ بقول سعد وقال :" سِيرُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ وَأَبْشِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ وَعَدَنِي إِحْدَى الْطَّائِفَتَينِ وَاللَّهِ لَكَأَنِي أَنْظُرُ الآنَ إِلَى مَصَارِعِ الْقَومِ " فذلك معنى قوله ﴿ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّآئِفَتَيْنِ ﴾ يعني العير التي مع أبي سفيان أو الظفر بقريش الخارجين للمنع منها.
﴿ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ ﴾ أي غير ذات الحرب وهي العير لأن نفوسهم في لقائها أسكن، وهم إلى ما فيها من الأموال أحوج.
وفي الشوكة التي كُني بها عن الحرب وجهان :
أحدهما : أنها الشدة فكُني بها عن الحرب لما فيها من الشدة، وهذا قول قطرب.
والثاني : أنها السلاح، وكُني بها عن الحرب لما فيها من السلاح، من قولهم رجل شاكٍ في السلاح، قاله ابن قتيبة.
﴿ وَيُريدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : إظهار الحق بإعزاز الدين في وقته على ما تقدم من وعده.
والثاني : أن الحق في أمره لكم أن تجاهدوا عدوكم.
وفي صفة ذلك وجهان لأصحاب الخواطر.
أحدهما : يحق الحق بالإقبال عليه ويبطل الباطل بالإعراض عنه.
الثاني : يحق الحق بالقبول ويبطل الباطل بالرد.