أما قوله تعالى :﴿فاضربوا فَوْقَ الاعناق﴾ ففيه وجهان : الأول : أنه أمر للملائكة متصل بقوله تعالى :﴿فَثَبّتُواْ﴾ وقيل : بل أمر للمؤمنين وهذا هو الأصح لما بينا أنه تعالى ما أنزل الملائكة لأجل المقاتلة والمحاربة، واعلم أنه تعالى لما بين أنه حصل في حق المسلمين جميع موجبات النصر والظفر، فعند هذا أمرهم بمحاربتهم، وفي قوله :﴿فاضربوا فَوْقَ الاعناق﴾ قولان : الأول : أن ما فوق العنق هو الرأس، فكان هذا أمراً بإزالة الرأس عن الجسد.
والثاني : أن قوله :﴿فاضربوا فَوْقَ الاعناق﴾ أي فاضربوا الأعناق.
ثم قال :﴿واضربوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾ يعني الأطراف من اليدين والرجلين، ثم اختلفوا فمنهم من قال المراد أن يضربوهم كما شاؤوا، لأن ما فوق العنق هو الرأس، وهو أشرف الأعضاء، والبنان عبارة عن أضعف الأعضاء، فذكر الأشرف والأخس تنبيهاً على كل الأعضاء، ومنهم من قال : بل المراد إما القتل، وهو ضرب ما فوق الأعناق أو قطع البنان، لأن الأصابع هي الآلات في أخذ السيوف والرماح وسائر الأسلحة، فإذا قطع بنانهم عجزوا عن المحاربة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ١٠٩﴾