وقال الثعلبى :
﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الملائكة ﴾
للذين أمدّ بهم المؤمنين ﴿ أَنِّي مَعَكُمْ ﴾ بالعون والنصر ﴿ فَثَبِّتُواْ الذين آمَنُواْ ﴾ أي نوّروا قلوبهم وصحّحوا عزائمهم وثباتهم في الجهاد، فقيل : إنّ ذلك المثبت بحضورهم الحرب معهم.
وقيل : معونتهم إياهم في قتال عدوهم، وقال أبو روق : هو أن الملك كان يشبّه بالرجل الذي يعرفون وجهه فيأتي الرجل من أصحاب النبيّ ﷺ فيقول : إنّي قد دنوت من المشركين فسمعتهم يقولون والله لئن حملوا علينا [ لنكشفنّ ].
فتحدّث بذلك المسلمون بعضهم بعضاً فيقوّي أنفسهم ويزدادون جرأة، قال ابن إسحاق والمبرد : فثبّتوا الذين آمنوا أي وآزروهم ﴿ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الذين كَفَرُواْ الرعب ﴾ ثمّ علّمهم كيف الضرب والقتل فقال ﴿ فاضربوا فَوْقَ الأعناق ﴾ قال بعضهم : هذا الأمر متّصل بقوله :﴿ فَثَبِّتُواْ الذين آمَنُواْ ﴾.
وقال آخرون : هو أمر من الله عزّ وجلّ للمؤمنين واختلفوا في قوله ﴿ فَوْقَ الأعناق ﴾ فقال عطيّة والضحاك : معناه : فاضربوا الأعناق لقوله ﴿ فَإِذَا لَقِيتُمُ الذين كَفَرُواْ فَضَرْبَ الرقاب ﴾ [ محمد : ٤ ].
وقال رسول الله ﷺ :" لم أبعث لأعذب بعذاب الله وإنّما بُعثت لضرب الرقاب وشدّ الوثاق ".
وقال بعضهم : معناه : فاضربوا على الأعناق، ( فوق ) بمعنى على. وقال عكرمة : معناه فاضربوا الرؤوس فوق الأعناق. وقال ابن عباس : معناه واضربوا فوق الأعناق أي على الأعناق، نظيره قوله ﴿ فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ اثنتين ﴾ [ النساء : ١١ ] أي اثنتين فما فوقهما.
﴿ واضربوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ﴾ قال عطيّة : يعني كل مفصل.
وقال ابن عباس وابن جريج والضحاك : يعني الأطراف والبنان جمع بنانه، وهي أطراف أصابع اليدين والرجلين واشتقاقه من أَبَنَ بالمقام إذا قام به.
قال الشاعر :

ألا ليتني قطعت منه بنانه ولاقيته في البيت يقظان حاذراً


الصفحة التالية
Icon