وقال ابن عطية :
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾
هذا الخطاب للنبي ﷺ، والمؤمنون داخلون فيه بالمعنى والضمير في ﴿ بأنهم ﴾ عائد على الذين كفروا، و﴿ شاقوا ﴾ معناه خالفوا ونابذوا وقطعوا، وهو مأخوذ من الشق وهو القطع والفصل بين شيئين، وهذه مفاعلة فكأن الله لما شرع شرعاً وأمر بأوامر وكذبوا هم وصدوا تباعد ما بينهم وانفصل وانشق، مأخوذ من هذا لأنه مع شقه الآخر تباعدا وانفصلا وعبر المفسرون عن قوله ﴿ شاقوا ﴾ أي صاروا في شق غير شقه.
قال القاضي أبو محمد : وهذا وإن كان معناه صحيحاً فتحرير الاشتقاق إنما هو ما ذكرناه، والمثال الأول إنما هو الشَّق بفتح الشين، وأجمعوا على الإظهار في ﴿ يشاقق ﴾ إتباعاً لخط المصحف، وقوله ﴿ فإن الله شديد العقاب ﴾ جواب الشرط تضمن وعيداً وتهديداً. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ﴾
الإشارة إلى ما حلّ بهم من إلقاء الرعب في قلوبهم وما أصابهم من الضرب والقتل، والكاف لخطاب الرسول أو لخطاب كل سامع أو لخطاب الكفار على سبيل الالتفات و﴿ ذلك ﴾ مبتدأ و﴿ بأنهم ﴾ هو الخبر والضمير عائد على الكفار وتقدّم الكلام في المشاقّة في قوله ﴿ فإنما هم في شقاق ﴾ والمشاقّة هنا مفاعلة فكأنه تعالى لما شرع شرعاً وأمر بأوامر وكذبوا بها وصدّوا تباعد ما بينهم وانفصل وانشق وعبّر المفسرون في قوله شاقّوا الله أي صاروا في شقّ غير شقّه.
﴿ ومن يشاقق الله ورسوله فان الله شديد العقاب ﴾ أجمعوا على الفكّ في ﴿ يشاقق ﴾ اتباعاً لخط المصحف وهي لغة الحجاز والإدغام لغة تميم كما جاء في الآية الأخرى ﴿ ومن يشاق الله ﴾، وقيل فيه حذف مضاف تقديره شاقّوا أولياء الله و﴿ من ﴾ شرطية والجواب ﴿ فإن ﴾ وما بعدها والعائد على ﴿ من ﴾ محذوف أي ﴿ شديد العقاب ﴾ له وتضمن وعيداً وتهديداً وبدأهم بعذاب الدنيا من القتل والأسر والاستيلاء عليهم. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾